وشرائه قد مر في موضعه وإنما الحاجة ههنا إلى بيان صفة هذا البيع والى بيان حكمه والى بيان ما يسقط به الخيار ويلزم البيع والى بيان ما ينفسخ به البيع (اما) صفته فهي انه بيع غير لازم لان الخيار يمنع لزوم الصفقة قال سيدنا عمر رضي الله عنه البيع صفقة أو خيار ولان الخيار هو التخيير بين البيع والإجازة وهذا يمنع اللزوم كخيار العيب وخيار الرؤية ثم الخيار كما يمنع لزوم الصفقة فعدم القبض يمنع تمام الصفقة لان الثابت بنفس البيع ملك غير متأكد وإنما التأكد بالقبض وعلى هذا يخرج ما إذا كان المبيع شيئا واحد أو أشياء انه ليس لمن له الخيار أن يجيز البيع في البعض دون البعض من غير رضا الآخر سواء كان الخيار للبائع أو للمشترى وسواء كان البيع مقبوضا أو غير مقبوض لان الإجازة في البعض دون البعض تفريق الصفقة في اللزوم وكما لا يجوز تفريق أصل الصفقة وهو الايجاب والقبول الا برضا العاقدين بان يقبل البيع في بعض المبيع دون البعض بعد إضافة الايجاب والقبول إلى الجملة ويوجب البيع بعد إضافة القبول إلى جملته لا يجوز في وصفها وهو ان يلزم البيع في البعض دون البعض الا برضاهما ولو هلك أحد العبدين في يد البائع والخيار له لم يكن له أن يجيز البيع في الباقي الا برضا المشترى لان البيع انفسخ في قدر الهالك فالإجازة في الباقي تكون تفريق الصفقة على المشترى فلا يجوز من غير رضاه ولو هلك أحدهما في يد المشترى فللبائع أن يجيز البيع في الباقي في قياس قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله وقال محمد رحمه الله ينتقض البيع وليس له أن يجيز البيع في الباقي وإن كان المبيع مما له مثل من المكيل والموزون والعددي المتقارب فهلك بعضه فللبائع أن يجيز البيع في الباقي بلا خلاف (وجه) قول محمد ان الإجازة ههنا بمنزلة انشاء التمليك لان خيار البائع يمنع خروج المبيع عن ملكه فكان للإجازة حكم الانشاء والهالك منهما خرج عن احتمال الانشاء والانشاء في الباقي تمليك بحصته من الثمن وهي مجهولة فيما لا مثل له فلم يحتمل الانشاء وفيما له مثل معلومة فاحتمل الانشاء (وجه) قولهما ان هذه الإجازة تظهر ان العقد من حين وجوده انعقد في حق الحكم فلم يكن الهلاك مانعا من الإجازة وقوله الإجازة ههنا انشاء قلنا ممنوع فان العقد ينعقد في حق الحكم بدون الإجازة من انقضاء المدة وبموت من له الخيار ولو كانت الإجازة انشاء لتوقف حكم العقد على وجودها وهذا بخلاف بيع الفضولي إذا هلك المبيع قبل الإجازة ثم أجازه المالك لم يجز وههنا جاز فهلاك المبيع في بيع الفضولي يمنع من الإجازة وههنا لا يمنع (ووجه) الفرق ان بيع الفضولي يثبت بطريق الاستناد والمستند ظاهر من وجه مقتصر من وجه فكانت الإجازة اظهارا من وجه انشاء من وجه فمن حيث إنها اظهار كان لا يقف صحته على قيام المحل ومن حيث إنها انشاء يقف عليه (فاما) في البيع بشرط الخيار فالحكم يثبت عند الإجازة بطريق الظهور المحض فكانت الإجازة اظهارا ان العقد من وقت وجوده انعقد في حق الحكم والمحل كان قابلا وقت العقد فهلاكه بعد ذلك لا يمنع من الإجازة والله عز وجل اعلم وعلى هذا يخرج قول أبي حنيفة في رجلين اشتريا شيئا على أنهما بالخيار فيه ثلاثة أيام فاختار انه يلزم البيع حتى لا يملك الاخر الفسخ احترازا عن تفريق الصفقة في اللزوم وسنذكر المسألة في خيار العيب إن شاء الله تعالى (وأما) حكم هذا البيع فقد اختلف العلماء فيه قال أصحابنا لا حكم له للحال والخيار يمنع انعقاد العقد في الحكم للحال لمن له الخيار بل هو للحال موقوف على معنى انه لا يعرف حكمه للحال وإنما يعرف عند سقوط الخيار لأنه لا يدرى انه يتصل به الفسخ أو الإجازة فيتوقف في الجواب للحال وهذا تفسير التوقف عندنا وقال الشافعي رحمه الله في قول مثل قولنا وفى قول هو منعقد مفيد للتملك لكن ملكا مسلطا على فسخه بالخيار (وجه) قوله إن البيع بشرط الخيار لا يفارق البيع البات الا في الخيار والخيار لا يمنع ثبوت الملك كخيار العيب بالاجماع وخيار الرؤية على أصلكم (ولنا) ان جواز هذا البيع مع أنه معدول به عن القياس لحاجة إلى دفع الغبن ولا اندفاع لهذه الحاجة الا بامتناع ثبوت الملك للحال لان من الجائز أن يكون المشترى قريب المشترى فلو ملكه للحال لعتق عليه للحال فلا تندفع حاجته ثم الخيار لا يخلو اما إن كان للبائع والمشترى جميعا واما إن كان للبائع وحده واما إن كان للمشترى وحده واما إن كان لغيرهما بان شرط أحدهما الخيار لثالث فإن كان الخيار لهما فلا ينعقد العقد في حق الحكم في البدلين جميعا فلا يزول المبيع عن
(٢٦٤)