اخترت هذا الثوب أو شئته أو رضيت به أو اخترته وما يجرى هذا المجرى لأنه لما اختار أحدهما فقد عين ملكه فيه فيسقط خيار التعيين ولزم البيع (وأما) الاختيار من طريق الدلالة فهو أن يوجد منه فعل في أحدهما يدل على تعيين الملك فيه وهو كل تصرف هو دليل اختيار الملك في الشراء بشرط الخيار وسيذكر ذلك في البيع بشرط الخيار إن شاء الله تعالى ولو تصرف البائع في أحدهما فتصرفه موقوف ان تعين ما تصرف فيه للبيع لم ينفذ تصرفه لأنه تبين انه تصرف في ملك غيره وان تعين ما تصرف فيه للأمانة نفذ بصرفه لأنه ظهر انه تصرف في ملك نفسه فينفذ (وأما) الضروري فنحو أن يهلك أحدهما بعد القبض فيبطل الخيار لان الهالك منها تعين للبيع ولزمه ثمنه وتعين الآخر الأمانة لان أحدهما مبيع والآخر أمانة والأمانة منهما مستحق الرد على البائع وقد خرج الهالك عن احتمال الرد فيه فتعين الباقي للرد فتعين الهالك للبيع ضرورة ولو هلكا جميعا قبل القبض فلا يخلو اما ان هلكا على التعاقب واما ان هلكا معا فان هلكا على التعاقب فالأول يهلك مبيعا والآخر أمانة لما ذكرنا وان هلكا معا لزمه ثمن نصف كل واحد منها لأنه ليس أحدهما بالتعيين أولى من الآخر فشاع البيع فيهما جميعا ولو هلكا على التعاقب لكنهما اختلفا في ترتيب الهلاك فإن كان ثمنهما متساويا فلا فائدة في هذا الاختلاف لان أيهما هلك أولا فثمن الآخر مثله فلا يقيد الاختلاف وإن كان متفاوتا بأن كان ثمن أحدهما أكثر فادعى البائع هلاك أكثرهما ثمنا وادعى المشترى هلاك أقلهما ثمنا كان أبو يوسف أولا يقول يتحالفان وأيهما نكل لزمه دعوى صاحبه وان حلفا جميعا يجعل كأنهما هلكا معا ويلزمه ثمن نصف كل واحد منهما ثم رجع وقال القول قال المشترى مع يمينه وهو قول محمد لأنهما اتفقا على أصل الدين واختلفا في قدره والأصل ان الاختلاف متى وقع بين صاحب الدين وبين المديون في قدر الدين أو في جنسه أو نوعه أو صفته كان القول قال المديون مع يمينه لان صاحب الدين يدعى زيادة وهو ينكر فكان القول قوله مع يمينه لأنه صاحب الدين وأيهما أقام البينة قبلت بينته وسقطت اليمين وان أقاما البينة فالبينة بينة البائع لأنها تظهر زيادة ولو تعيب أحدهما فإن كان قبل القبض لا يتعين المعيب للبيع لان التعيين لم يوجد لا نصا ولا دلالة ولا ضرورة إلى التعيين أيضا لامكان الرد والمشترى على خياره وان شاء أخذ المعيب منهما وان شاء أخذ الآخر وان شاء تركهما كما لو لم يتعيب أصلا فان أخذ المعيب منهما أخذه بجميع ثمنه لأنه تبين انه هو المبيع من الأصل وكذلك لو تعيبا جميعا فالمشترى على خياره لما قلنا وإن كان بعد القبض تعين المعيب للبيع ولزمه ثمنه وتعين الآخر للأمانة كما إذا هلك أحدهما بعد القبض لان تعيب المبيع هلاك بعضه فلهذا منع الرد ولزم البيع في المبيع المعين فكذا في غير المعين يمنع الرد وتعين المبيع ولو تعيبا جميعا فإن كان على التعاقب تعين الأول للبيع ولزمه ثمنه ويرد الاخر لما قلنا ولا يغرم بحدوث العيب شيئا لما قلنا إنه أمانة وان تعيبا معا لا يتعين أحدهما للبيع لأنه ليس أحدهما بالتعيين أولى من الآخر وللمشتري أن يأخذ أيهما شاء بثمنه لأنه إذا لم يتعين أحدهما للبيع بقي المشترى على خياره الا انه ليس له أن يردهما جميعا لان البيع قد لزم في أحدهما بتعيينهما في يد المشترى وبطل خيار الشرط وهذا يؤيد قول من يقول من المشايخ ان هذا البيع فيه خياران خيار التعيين وخيار الشرط ولا بد له من رتبة معلومة إذ لو لم يكن لملك ردهما جميعا كما لو لم يتعيب أحدهما أصلا لكنه لم يملك لان ردهما جميعا قبل التعييب ثبت حكما لخيار الشرط وقد بطل خيار الشرط بعد تعينهما معا فلم يملك ردهما وبقى خيار التعيين فيملك رد أحدهما ولو ازداد عيب أحدهما أو حدث معه غيره لزمه ذلك لأن عدم التعيين للمزاحمة وقد بطلت بزيادة عيب أحدهما أو حدوث عيب آخر معه ولا يبطل هذا الخيار بموت المشترى بل يورث بخلاف خيار الشرط لان خيار التعيين إنما يثبت للمورث لثبوت الملك له في أحدهما غير عين وقد قام الوارث مقامه في ذلك الملك فله أن يختار أيهما شاء دون الآخر الا انه ليس له أن يردهما جميعا وقد كان للمورث ذلك وهذا يؤيد قول أولئك المشايخ انه لابد من خيارين في هذا البيع وقد بطل أحدهما وهو خيار الشرط بالموت لأنه لا يورث على أصل أصحابنا فبطل الحكم المختص به وهو ولاية ردهما جميعا هذا إذا اشترى أحدهما شراء صحيحا
(٢٦٢)