غير المكان المشروط وأبى البائع ذلك الا في الموضع المشروط فهو على هذا التفصيل ولو كان الثمن عينا فشرط تسليمه في مصر آخر فالبيع فاسد سواء شرط الأجل أو لم يشرط لان فيه غررا والله سبحانه وتعالى أعلم (ومنها) القبض في بيع المشترى المنقول فلا يصح بيعه قبل القبض لما روى أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن بيع ما لم يقبض والنهى يوجب فاسد المنهى ولأنه بيع فيه غرر الانفساخ بهلاك المعقود عليه لأنه إذا هلك المعقود عليه قبل القبض يبطل البيع الأول فينفسخ الثاني لأنه بناه على الأول وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع فيه غرر وسواء باعه من غير بائعه أو من بائعه لان النهى مطلق لا يوجب الفصل بين البيع من غير بائعه وبين البيع من بائعه وكذا معنى الغرر لا يفصل بينهما فلا يصح الثاني والأول على حاله ولا يجوز اشراكه وتوليته لان كل ذلك بيع ولو قبض نصف المبيع دون النصف فاشرك رجلا لم يجز فيما لم يقبض وجاز فيما قبض لان الاشراك نوع بيع والمبيع منقول فلم يكن غير المقبوض محلا له شرعا فلم يصح في غير المقبوض وصح في قدر المقبوض وله الخيار لتفرق الصفقة عليه ولا تجور اجارته لان الإجارة تمليك المنفعة بعوض وملك المنفعة تابع لملك العين ولا يجوز فيه تمليك العين فلا يجوز تمليك المنفعة ولان الإجارة عقد يحتمل الفسخ فيتمكن فيه غرر الانفساخ بهلاك المعقود عليه ولان ما روينا من النهى يتناول الإجارة لأنها نوع بيع وهو بيع المنفعة ويجوز اعتاقه بعوض وغير عوض وكذا تدبيره واستيلاده بأن كانت أمة فاقر انها كانت ولدت له لأن جواز هذه التصرفات يعتمد قيام ملك الرقبة وقد وجد بخلاف البيع فان صحته تفتقر إلى ملك الرقبة واليد جميعا لافتقاره إلى التسليم وكذا الإجارة بخلاف الاعتاق والتدبير ولان المانع هو القبض وبهذه التصرفات يصير قابضا على ما نذكره في موضعه إن شاء الله تعالى ولان الفساد لتمكن الغرر وهو غرر انفساخ العقد بهلاك المعقود عليه لما نذكره وهذا التصرفات مما لا يحتمل الانفساخ فلم يوجد فلزم الجواز بدليله وهل تجوز كتابته لا رواية فيه عن أصحابنا فاحتمل أن يقال لا يجوز قياسا على البيع لان كل واحد منهما مما يحتمل الفسخ والإقالة وجائز أن يقال يجوز فرقا بينها وبين البيع لأنها أوسع اضرارا من البيع وروى عن أبي يوسف إذا كاتبه المشترى قبل القبض فللبائع أن يبطله فإن لم يبطله حتى نقد المشترى الثمن جازت الكتابة ذكرها في العيون ولو وهبه من البائع فإن لم يقبله لم تصح الهبة والبيع على حاله لان الهبة لا تصح بدون القبول فان قبله البائع لم تجز الهبة لأنها تمليك المبيع قبل القبض وأنه لا يجوز كالبيع وانفسخ البيع بينهما ويكون إقالة للبيع فرق بين الهبة من البائع وبين البيع منه حيث جعل الهبة منه إقالة دون البيع منه (ووجه) الفرق أن بين الهبة والإقالة مقاربة فان كل واحد منهما يستعمل في الحاق ما سلف بالعدم يقال وهبت منك جريمتك كما يقال أقلت عثرتك أو جعلت ذلك كالعدم في حق المؤاخذة به ألا ترى أنه يستعمل كل واحد منهما مكان الآخر فأمكن جعل الهبة مجازا عن الإقالة عند تعذر العمل بالحقيقة بخلاف البيع فإنه لا مقاربة بينه وبين الإقالة فتعذر جعله مجازا عنها فوقع لغوا وكذلك لو تصدق به عليه فهو على التفصيل الذي ذكرنا ولو وهب لغير البائع أو تصدق به على غير البائع وأمر بالقبض من البائع أو رهنه عند آخر وأمره أن يقبض من البائع فقبضه بأمره أو أقرضه وأمره بالقبض لم يجز هذه العقود كلها عند أبي يوسف وعند محمد جازت (وجه) قول محمد ان صحة هذه العقود بالقبض فإذا أمره بالقبض فقد أنابه مناب نفسه في القبض فصار بمنزلة الوكيل له فإذا قبض بأمره يصير قابضا عنه أولا بطريق النيابة ثم لنفسه فيصح ولأبي يوسف أن جواز هذه العقود مبنى على الملك المطلق وهو ملك الرقبة واليد جميعا لان به يقع الامن عن غرر الانفساخ بهلاك المعقود عليه وغرر الانفساخ ههنا ثابت فلم يكن الملك مطلقا فلم يجز ولو أوصى به لرجل قبل القبض ثم مات جازت الوصية لان الوصية أخت الميراث ولو مات قبل القبض صار ذلك ميراثا لورثته كذا الوصية ولو قال المشترى للبائع بعه لي لم يكن نقضا بالاجماع وان باعه لم يجز بيعه ولو قال بعه لنفسك كان نقضا بالاجماع ولو قال بعه مطلقا كان تقضا عند أبي حنيفة ومحمد وعند أبي يوسف لا يكون نقضا (وجه) قوله أن اطلاق الامر بالبيع ينصرف إلى البيع للآمر
(١٨٠)