النكاح لان الحقوق في باب النكاح لا ترجع إلى العاقد بل هو سفير ومعبر فإذا فرغ عن السفارة والعبارة التحق بالأجانب وأما قيام الثمن في يد البائع هل هو شرط لصحة الإجازة أم لا فالامر لا يخلو اما إن كان الثمن دينا كالدراهم والدنانير والفلوس النافقة والموزون الموصوف والمكيل الموصوف في الذمة واما إن كان عينا كالعروض فإن كان دينا فقيامه في يد البائع ليس بشرط للحوق الإجازة لان الدين لا يتعين بالتعيين فكان قيامه بقيام الذمة وإن كان عينا فقيامه شرط للحوق الإجازة فصار الحاصل ان قيام الأربعة شرط صحة الإجازة إذا كان الثمن دينا وإذا كان عينا فقيام الخمس شرط فان وجدت الإجازة عند قيام الخمس جاز ويكون الثمن للبائع لا للمالك لان الثمن إذا كان عينا كان البائع مشتريا من وجه والشراء لا يتوقف على الإجازة بل ينفذ على المشترى إذا وجد نفاذا عليه بأن كان أهلا وهو أهل والمالك يرجع على بقيمة ماله ان لم يكن له مثل وبمثله إن كان له مثل لأنه عقد لنفسه ونقد الثمن من مال غيره فيتوقف النقد على الإجازة فإذا جازه مالكه بعد النقد فيرجع عليه بمثله أو بقيمته بخلاف ما إذا كان الثمن دينا لأنه إذا كان دينا كان العاقد بائعا من كل وجه ولا يكون مشتريا لنفسه أصلا فتوقف على إجازة المالك فإذا أجاز كان مجيزا للعقد فكان بدله له ولو هلكت العين في يد الفضولي بطل العقد ولا تلحقه الإجازة ويرد المبيع إلى صاحبه ويضمن للمشترى مثله إن كان له مثل وقيمته ان لم يكن له مثل لأنه قبضه بعقد فاسد ولو تصرف الفضولي في العين قبل الإجازة ينظر ان تصرف فيه قبل القبض فتصرفه باطل لان الملك في العقد الفاسد يقف على القبض وان تصرف فيه بعد ما قبض باذن المشترى صريحا أو دلالة يصح تصرفه لأنه تصرف في ملك نفسه وعليه مثله أو قيمته لان المقبوض بالبيع الفاسد مضمون به ولا تلحقه الإجازة لأنه ملك بجواز تصرفه فيه فلا يحتمل الإجازة بعد ذلك ولو تصرف المشترى في المبيع قبل الإجازة لا يجوز تصرفه سواء كان قبض المبيع أو لم يقبضه لعدم اذن مالكه والله تعالى أعلم (وأما) الولاية فالولاية في الأصل نوعان نوع يثبت بتولية المالك ونوع يثبت شرعا لا بتولية المالك أما الأول فهو ولاية الوكيل فينفذ تصرف الوكيل وان لم يكن المحل مملوكا له لوجود الولاية المستفادة من الموكل وأما الثاني فهو ولاية الأب والجد أب الأب والوصي والقاضي وهو نوعان أيضا ولاية النكاح وولاية غيره من التصرفات أما ولاية النكاح فموضع بيانها كتاب النكاح وأما ولاية غيره من المعاملات فالكلام فيه في مواضع في بيان سبب هذه الولاية وفي بيان شرائطها وفي بيان ترتيب الولاية أما الأول فسبب هذا النوع من الولاية في التحقيق شيئان أحدهما الأبوة والثاني القضاء لان الجد من قبل الأب أب لكن بواسطة ووصى الأب والجد استفاد الولاية منهما فكان ذلك ولاية الأبوة من حيث المعنى ووصى القاضي يستفيد الولاية من القاضي فكان ذلك ولاية القضاء معنى أما الأبوة فلأنها داعية إلى كمال النظر في حق الصغير لوفور شفقة الأب وهو قادر على ذلك لكمال رأيه وعقله والصغير عاجز عن النظر لنفسه بنفسه وثبوت ولاية النظر للقادر على العاجز عن النظر أمر معقول مشروع لأنه من باب الإعانة على البر ومن باب الاحسان ومن باب إعانة الضعيف وإغاثة اللهفان وكل ذلك حسن عقلا وشرعا ولان ذلك من باب شكر النعمة وهي نعمة القدرة إذا شكر كل نعمة على حسب النعمة فشكر نعمة القدرة معونة العاجز وشكر النعمة واجب عقلا وشرعا فضلا عن الجواز ووصى الأب قائم مقامه لأنه رضيه واختاره فالظاهر أنه ما اختاره من بين سائر الناس الا لعلمه بان شفقته على ورثته مثل شفقته عليهم ولولا ذلك لما ارتضاه من بين سائر الناس فكان الوصي خلفا عن الأب وخلف الشئ قائم مقامه كأنه هو والجد له كمال الرأي ووفور الشفقة الا أن شفقته دون شفقة الأب فلا جرم تأخرت ولايته عن ولاية الأب وولاية وصيه ووصى وصيه أيضا لان تلك ولاية الأب من حيث المعنى على ما ذكرنا ووصى الجد قائم مقامه لأنه استفاد الولاية من جهته وكذا وصى وصيه وأما القضاء فلان القاضي لاختصاصه بكمال العلم والعقل والورع والتقوى والخصال الحميدة أشفق الناس على اليتامى فصلح وليا وقد قال عليه الصلاة والسلام السلطان ولى من لا ولى له الا أن شفقته دون شفقة الأب والجد لان شفقتهما تنشأ عن القرابة وشفقته لا وكذا وصيه
(١٥٢)