وجوده بعد ذلك لأنه لو تم الشهر بعد موت أحدهما أو قدوم أحدهما كان موصوفا بالتقدم على موت أحدهما أو قدوم أحدهما وهو ما أضاف العتق إلى هذا الشهر بل إلى شهر موصوف بالتقدم على موتهما أو قدومهما جميعا وهذا غير ذاك وان مضى شهر ثم مات أحدهما عتق العبد وان لم يمت الاخر بعد بخلاف ما إذا قال أنت حر قبل قدوم فلان وفلان بشهر ثم قدم أحدهما لتمام الشهر انه لا يعتق ما لم يقدم الاخر ووجه الفرق على ما بينا فيما تقدم وهو انه إذا مات أحدهما تحقق كون الشهر سابقا على موتهما وإذا قدم أحدهما لم يتحقق كون الأول سابقا على قدومهما وإنما يتحقق عند وجود قدومهما جميعا فكان القياس ان لا يعتق ما لم يموتا جميعا في لحظة واحدة بعد مضى شهر فكذا في القدوم وهو قول على الرازي لان العتق أضيف إلى شهر موصوف بالتقدم على موتهما أو قدومهما متصل بهما لأنه أضاف العتق إلى شهر متقدم على موتهما أو قدومهما ومن ضرورة ذلك وجود موتهما أو قدومهما جميعا وعند ثبوت التراخي فيما بين الموتين أو القدومين يكون العتق واقعا قبل موت أحدهما أو قدوم أحدهما بشهر وقبل موت الآخر أو قدوم الآخر بشهر وانه خلاف ما أضاف فلا يقع بخلاف ما إذا قال أنت حر قبل يوم الفطر والأضحى بشهر حيث يعتق كما أهل هلال رمضان لان وجود وقت متصف بالتقدم عليهما بشهر مستحيل والعاقل لا يقصد بكلامه المستحيل فعلم أنه أراد به إضافة العتق إلى وقت موصوف بالتقدم على أحد اليومين بشهر وعلى الآخر بمدة غير مقدرة وفيما نحن فيه لا استحالة فيراعى عين ما أضاف وجوب الاستحالة عن هذا ان الأصل في أحكام الشرع ان المستحيل عادة يلحق بالمستحيل حقيقة وقدوم شخص في جزء لا يتجزء من الزمان بحيث لا يقدم أحدهما على صاحبه مستحيل عادة وكذا موت شخصين على هذا الوجه والجواب في المستحيل حقيقة وهو مسألة الفطر والأضحى هكذا فكذا في المستحيل عادة وكذا لو قال أنت حر قبل قدوم فلان وموت فلان بشهر فان مات أحدهما أو قدم أحدهما قبل مضى الشهر لا يعتق أبدا لما قلنا وان مات أحدهما لتمام الشهر لا يعتق حتى يقدم الآخر وان قدم أحدهما بعد مضى الشهر عتق ولا ينتظر موت الاخر الا انه لا يستدل لما ذكرنا ان الموت كائن لا محالة والقدوم موهوم الوجود ولو قال أنت حر الساعة إن كان في علم الله عز وجل ان فلانا يقدم إلى شهر فهذا وقوله قبل قدوم فلان بشهر سواء لأنه لا يراد بهذا علم الله تعالى الأزلي القائم بذاته عز وجل وإنما يراد به ظهور هذا القدوم المعلوم لنا وقد يظهر لنا وقد لا يظهر فكان شرطا فيقتصر العتق على حالة وجود الشرط كما في سائر التعليقات بشروطها والله عز وجل أعلم ولو قال أنت حر بعد موتى بشهر فكاتبه في نصف الشهر ثم مات لتمام الشهر فإن كان استوفى بدل الكتابة ثم مات لتمام الشهر كان العتق حاصلا بجهة الكتابة وإن كان لم يستوف بعد بدل الكتابة عتق بالاعتاق السابق وسقط اعتبار الكتابة عند أبي حنيفة وهذا يدل على أن العتق يثبت بطريق الاستناد عنده وقال أبو القاسم الصفار انه تبطل الكتابة من الأصل سواء كان استوفى بدل الكتابة أو لم يستوف وهو قياس قول من يقول بثبوت العتق من طريق الظهور المحض لأنه تبين ان العتق يثبت من أول الشهر فتبين ان الكتابة لم تصح وقد ذكرنا تصحيح ما ذكر في الكتاب وهو العتق بطريق الاستناد فيما تقدم فلا نعيده وعندهما ان استوفي بدل الكتابة فالامر ماض لان العتق عندهما يثبت مقتصرا على حال الموت وهو حر في هذه الحالة لوصوله إلى الحرية بسبب الكتابة عند أداء البدل وإن كان لم يستوف بعد بدل الكتابة فإن كان العبد يخرج من الثلث عتق من جميع المال وان لم يكن له مال غيره عتق ثلثه بالتدبير لأنه مدبر مقيد لان عتقه علق بموت موصوف بصفة قد يوجد على تلك الصفة وقد لا يوجد ويسعى في الأقل من ثلثي قيمته ومن جميع بدل الكتابة عند أبي يوسف وعند محمد يسعى في الأقل من ثلثي بدل الكتابة ومن ثلثي قيمته وأصل المسألة ان من دبر عبده ثم كاتبه ثم مات المولى ولا مال له غيره يعتق ثلثه مجانا بالتدبير ثم يسعى في الأقل من ثلثي قيمته ومن جميع بدل الكتابة عند أبي حنيفة وأبى يوسف وعند محمد في الأقل من ثلثي قيمته ومن ثلثي بدل الكتابة فهذا على ذاك الا ان عند أبي حنيفة يخير بين ان يسعى في هذا وبين ان يسعى في ذاك وعندهما يسعى في الأقل
(٨٤)