بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ٨٢
المتقدم على شهر رمضان فإنه معلوم الذات لأنه كما وجد شعبان علم أنه موصوف بالتقدم على رمضان وههنا بخلافه وبخلاف القدوم والدخول فان بعد مضى شهر من وقت الكلام بقي ذات الشهر الذي أضيف إليه العتق موهوم الوجود فلم يكن القدوم معرفا للشهر بل كان محصلا للشهر الموصوف بهذه الصفة بحيث لولا وجوده لما وجد هذا الشهر البتة فكان الموت مظهرا معينا للشهر فيظهر من الأصل من حين وجوده ثم اختلف مشايخنا في كيفية الظهور على مذهب أبي حنيفة قال بعضهم هو ظهور محض فتبين ان العتق كان واقعا من أول الشهر من غير اعتبار حالة الموت وهو ان يعتبر الوقوع أولا ثم يسرى إلى أول الشهر لان الأصل اعتبار التصرف على الوجه الذي أثبته المتصرف والمتصرف أضاف العتق إلى أو الشهر المتقدم على الموت فيقع في أول الشهر لا في آخره فكان وقت وقوع الطلاق أول الشهر فيظهر ان العتق وقع من ذلك الوقت كما إذا قال أن كان فلان في الدار فعبده حر فمضت مدة ثم علم أنه كان في الدار يوم التكلم يقع العتق من وقت التكلم لا من وقت الظهور وهؤلاء قالوا لو كان مكان العتاق طلاق ثلاث فالعدة تعتبر من أول الشهر في قول أبي حنيفة حتى لو حاضت في الشهر حيضتين ثم مات فلإن كانت الحيضتان محسوبتين من العدة ولو كان قال أنت طالق قبل موت فلان بشهرين أو ثلاثة أشهر ثم مات فلان لتمام المدة أو كانت المرأة رأت ثلاثة حيض في المدة تبين عند موته ان الطلاق كان واقعا وان العدة قد انقضت كما لو قال إن كان زيد في الدار فامرأتي طالق ثم علم بعدما حاضت المرأة ثلاثة حيض انه كان في الدار يوم التكلم به تبين انها قد طلقت من ذلك الوقت وانها منقضية العدة كذا هذا وكذلك لو قال إن كان حمل فلانة غلاما فأنت طالق فولدت غلاما يقع الطلاق على طريق التبيين كذا هذا والذي يؤيد ما قلنا إن رجلا لو قال آخر امرأة أتزوجها فهي طالق فتزوج امرأة ثم أخرى ثم ماتت طلقت الثانية على وجه التبيين المحض عند أبي حنيفة وإن كان لا يحكم بطلاقها ما لم يمت كذا ههنا وقالوا لو خالعها في وسط الشهر ثم مات فلان لتمام الشهر فالخلع باطل ويؤمر الزوج برد بدل الخلع سواء كانت عند الموت معتدة أو منقضية العدة أو كانت ممن لا عدة عليها بأن كانت غير مدخول بها وهؤلاء طعنوا فيما ذكر محمد في الكتاب لتخريج قول أبي حنيفة انه ان مات فلان وهي في العدة يحكم ببطلان الخلع ويؤمر الزوج برد بدل الخلع وإن كانت غير معتدة وقت موت فلان بأن كان بعد الخلع قبل موت فلان أسقطت سقطا أو كانت غير مدخول بها لا يبطل الخلع ولا يؤمر الزوج برد بدل الخلع وقالوا هذا التخريج لا يستقيم على قول أبي حنيفة لان هذا ظهور محض فتبين عند وجود الجزء الأخير ان هذا الشهر من ابتداء وجوده موصوف بالتقدم فتبين ان الطلقات الثلاث كان واقعة من ذلك الوقت سواء كانت معتدة أو غير معتدة كما لو قال إن كان فلان في الدار فامرأته طالق ثم خالعها ثم تبين انه كان يوم الحلف في الدار انه يتبين ان الخلع كان باطلا على الاطلاق سواء كانت معتدة أو لم تكن كذا ههنا والفقه ان وقت الموت إذا لم يكن وقت وقوع الطلاق لا يعتبر فيه قيام الملك والعدة وعامة مشايخنا قالوا إن العتق أو الطلاق يقع وقت الموت ثم يستند إلى أول الشهر الا انه يظهر انه كان واقعا من أول الشهر ووجهه مما لا يمكن الوصول إليه الا بمقدمة وهي ان ما كان الدليل على وجوده قائما يجعل موجودا في حق الأحكام لان إقامة الدليل مقام المدلول أصل في الشرع والعقل ألا ترى ان الخطاب يدور مع دليل القدرة وسببها دون حقيقة القدرة ومع دليل العلم وسببه دون الحقيقة العلم حتى لا يعذر الجاهل بالله عز وجل لقيام الآيات الدالة على وجود الصانع ولا بالشرائع عند امكان الوصول إلى معرفتها بدليلها ثم الدليل وان خفى بحيث يتعذر الوصول إليه يكتفى به إذا كان ممكن الحصول في الجملة إذ الدلائل تتفاوت في نفسها في الجلاء والخفاء والمستدلون أيضا يتفاوتون في الغباوة والذكاء فالشرع أسقط اعتبار هذا التفاوت فكانت العبرة لأصل الامكان في هذا الباب وأما ما كان الدليل في حقه منعدما فهو في حق الأحكام ملحق بالدم وإذا عرف هذا فنقول الشهر الذي يموت فلان في آخره فان اتصف بالتقدم من وقت وجوده لكن كان دليل اتصافه منعدما أصلا فلم يكن لهذا الاتصاف عدة ويبقى ملك النكاح إلى آخر جزء من أجزاء الشهر فيعلم
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222