جهالة تزيد على جهالة القيمة توجب فساد التسمية كالجهالة الزائدة على جهالة مهر المثل في باب النكاح والكلام فيه كالكلام في المهر وقد ذكرناه على سبيل الاستقصاء في كتاب النكاح الا أن هناك إذا فسدت التسمية يجب مهر المثل وههنا تجب قيمة العبد لان الموجب الأصلي هناك مهر المثل لأنه قيمة البضع وهو العدل والمصير إلى المسمى عند صحة التسمية فإذا فسدت صير إلى الموجب الأصلي والموجب الأصلي ههنا قيمة العبد لان الاعتاق على مال معاوضة من جانب العبد ومبنى المعاوضة على المعادلة وقيمة الشئ هي التي تعادله الا أن عند صحة التسمية يعدل عنها إلى المسمى فإذا فسدت وجب العوض الأصلي وهو قيمة نفس العبد وإن كان البدل منفعة وهي خدمته بأن قال لعبده أنت حر على أن تخدمني سنة فقبل فهو حر حين قبل ذلك والخدمة عليه يؤخذ بها لان تسمية الخدمة قد صحت فتلزمه المسمى كما إذا أعتقه على مال عين فإذا مات المولى قبل الخدمة بطلت الخدمة لأنه قبل الخدمة للمولى وقد مات المولى لكن للورثة أن يأخذوا العبد بقيمة نفسه وإن كان قد خدم بعض السنة فلهم أن يأخذوه بقدر ما بقي من الخدمة وهذا قول أبي حنيفة وأبى يوسف وقال محمد يؤخذ العبد بقيمة تمام الخدمة إن كان لم يخدم وإن كان قد خدم بعض الخدمة يؤخذ بقيمة ما بقي ما من الخدمة وكذلك إذا قال أنت حر على أن تخدمني أربع سنين فمات المولى قبل الخدمة على قولهما على العبد قيمة نفسه وعلى قول محمد عليه قيمة خدمته أربع سنين ولو كان العبد خدمه ثم مات المولى فعلى قولهما على العبد ثلاثة أرباع قيمة نفسه وعلى قول محمد عليه قيمة خدمته ثلاث سنين وكذلك لو مات العبد وترك ما لا يقضى لمولاه في ماله بقيمة نفسه عندهما وعنده يقضى بقيمة الخدمة وأصل المسألة ان من باع العبد من نفسه بجارية بعينها ثم استحقت الجارية فعلى قولهما يرجع على العبد بقيمة نفسه وعلى قول محمد يرجع بقيمة الجارية وكذلك لو لم تستحق ولكنه وجد بها عيبا فردها فهو على هذا الاختلاف وجملة الكلام فيه ان المولى إذا قبض العوض ثم استحق من يده فإن كان العوض بغير عينه كالمكيل والموزون الموصوفين في الذمة أو العروض والحيوان كالثوب الهروي والفرس والعبد والجارية فعلى العبد مثله في المكيل والموزون والوسط في الفرس والحيوان لأن العقد وقع على مال في الذمة وإنما المقبوض عوض عما في الذمة فإذا استحق المقبوض فقد انفسخ فيه القبض فبقي موجب العقد على حاله فله أن يرجع على العبد بذلك وإن كان عينا في العقد وهو مكيل أو موزون فكذلك يرجع المولى على العبد بمثله لما قلنا وإن كان عرضا أو حيوانا فقد قال أبو حنيفة وأبو يوسف يرجع على العبد بقيمة نفسه وقال محمد يرجع عليه بقيمة المستحق (وجه) قول محمد ان العقد لم يفسخ باستحقاق العوض لأنه لا يحتمل الفسخ فيبقى موجبا لتسليم العوض وقد عجز عن تسلميه فيرجع عليه بقيمته كالخلع والصلح عن دم العمد ولهما أن العقد قد انفسخ في حق أحد العوضين وهو المستحق لأنه تبين أنه وقع على عين هي ملك المستحق ولم يجز وإذا انفسخ العقد في حقه لم يبق موجبا على العبد تسليمه فلا يجب عليه قيمته وانفساخه في حق أحد العوضين يقتضى انفساخه في حق العوض الآخر وهو نفس العبد الا أنه تعذر اظهاره في صورة العبد فيجب اظهاره في معناه وهو قيمته فتجب عليه إذ قيمته قائمة مقام رد عينه كمن باع عبدا بجارية فأعتقها ومات العبد قبل التسليم انه يجب على البائع رد قيمة العبد لا رد قيمة الجارية كذا ههنا ثم ما ذكرنا من الاختلاف في العيب إذا كان العيب فاحشا لان العيب الفاحش في هذا الباب يوجب الرد بلا خلاف كما في باب النكاح فأما ذا كان غير فاحش فكذلك عندهما وأما عند محمد فلا يملك ردها لأنه مبادلة المال بمال ليس بمال فأشبه النكاح والمرأة في باب النكاح لا تملك رد المهر الا في العيب الفاحش وكذا المولى ههنا ولو قال عبد رجل لرجل اشتر لي نفسي من مولاي بألف درهم فاشتراه فالوكيل لا يخلو اما أن يبين وقت الشراء انه يشترى نفس العبد للعبد واما ان لم يبين فان بين جاز الشراء وعتق العبد بقبول الوكيل ويجب الثمن لأنه أتى بما وكل به فنفذ على الموكل ثم ذكر في الجامع أن المولى يطالب الوكيل ثم الوكيل يطالب العبد فقد جعل هذا التصرف في حكم معاوضة المال بالمال كالبيع ونحوه لان حقوق العبد إنما ترجع إلى الوكيل في مثل هذه
(٧٦)