يحتمل أن يقال ضاع شئ من القرآن ولهذا ذكر الطحاوي في اختلاف العلماء ان هذا حديث منكر وانه من صيارفة الحديث ولئن ثبت فيحتمل أنه كان في رضاع الكبير فسخ العدد بنسخ رضاع الكبير وأما حديث المصة والمصتين فقد ذكر الطحاوي أن في اسناده اضطرابا لان مداره على عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها وروى أنه سئل عروة عن الرضاعة فقال ما كان في الحولين وإن كان قطرة واحدة محرم والراوي إذا عمل بخلاف ما روى أوجب ذلك وهنا في ثبوت عنده لعمل به على أنه ان ثبت فيحتمل ان الحرمة لم تثبت لعدم القدر المحرم ويحتمل أنها لم تثبت لأنه لا يعلم أن اللبن وصل إلى جوف الصبي أم لا وما لم يصل لا يحرم فلا يثبت لعدم القدر المحترم ولا تثبت الحرمة بهذا الحديث بالاحتمال ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما إذا عقى الصبي فقد حرم حين سئل عن الرضعة الواحدة هل تجرم لان العقى اسم لما يخرج من بطن الصبي حين يولد أسود لزج إذا وصل اللبن إلى جوفه يقال هل عقيتم صبيكم أي هل سقيتموه عسلا ليسقط عنه عقيه إنما ذكر ذلك ليعلم أن اللبن قد صار في جوفه لأنه لا يعقي من ذلك اللبن حتى يصير في جوفه ويحتمل أنه كان ذلك في ارضاع الكبير حين كان محرما ثم نسخ وأما قوله إن الرضاع إنما يحرم لكونه منبتا للحم منشرا للعظم فنقول القليل ينبت وينشر بقدره فوجب أن يحرم بأصله وقدره على أن هذه الأحاديث ان ثبتت فهي مبيحة وما تلونا محرم والمحرم يقضى على المبيح احتياطا لان الجرعة الكثيرة عنده لا تحرم ومعلوم ان الجرعة الواحدة الكثيرة في اثبات اللحم وانشار العظم فوق خمس رضعات صغار فدل أنه لا مدار على هذا وكذا يستوى فيه لبن الحية والميتة بأن حلب لبنها بعد موتها في قدح فأوجر به صبي يحرم عندنا وقال الشافعي لبن الميتة لا يحرم ولا خلاف في أنه إذا جلب لبنها في حياتها في أنا فأوجر به الصبي بعد موتها الصبي أنه يثبت به الحرمة (وجه) قوله إن حكم الرضاع هو الحرمة والمرأة بالموت خرجت من أن تكون محلا لهذا الحكم ولهذا لم تثبت حرمة المصاهرة بوطئها عند كم فصار لبنها كلبن البهائم ولو ارتضع صغيران من لبن بهيمة لا تثبت حرمة الرضاع بينهما كذا هذا وإذا لم تثبت الحرمة في حقها لا تثبت في حق غيرها لان المرضعة أصل في هذا الحكم فأولا يثبت في حقها فكيف يتعدى إلى غيرها فإذا لم يثبت في حقها فكيف يتعدى إلى غيرها بخلاف ما إذا جلب حال حياتها ثم أوجر الصبي بعد وفاتها لأنها كانت محلا قابلا للحكم وقت انفصال اللبن منها فلا يبطل بموتها بعد ذلك وههنا بخلافه ولان اللبن قد ينجس بموتها لتنجس وعائه وهو الثدي فأشبه البول والدم ولنا الحديث المشهور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب واسم الرضاع لا يقف على الارتضاع من الثدي فان العرب تقول يتيم راضع وإن كان يرضع بلبن الشاة والبقر ولا على فعل الارتضاع منها بدليل انه لو ارتضع الصبي منها وهي نائمة يسمى ذلك رضاعا حتى يحرم ويقال أيضا أرضع هذا الصبي بلبن هذه الميتة كما يقال أرضع بلبن الحية وقوله صلى الله عليه وسلم الرضاع من المجاعة وقوله الرضاع ما انبت اللحم وأنشر العظم وقوله صلى الله عليه وسلم الرضاع ما فتق الأمعاء ولبن الميتة يدفع الجوع وينبت اللحم وينشر العظم ويفتق الأمعاء فيوجب الحرية ولان اللبن كان محرما في حال الحياة والعارض هو الموت واللبن لا يموت كالبيضة كذا روى عن عمر رضي الله عنه أنه قال اللبن لا يموت ولان الموت يحل محل الحياة ولا حياة في اللبن الا ترى انها لم تتألم بأخذه في حال حياتها والحيوان يتألم بأخذ ما فيه حياة من لحمه وسائر أعضائه وإذا لم يكن فيه حياة كان حاله بعد موت المرأة كحالة قبل موتها وقبل موتها محرم كذا بعده وأما قوله المرأة بالموت خرجت من أن تكون محلا للمحرمة وهي الأصل في هذه الحرمة فنقول الحرمة في حال الحياة ما ثبتت باعتبار الأصالة والتبعية بل باعتبار انبات اللحم وانشار العظم وقد بقي هذا المعنى بعد الموت فتبقى الحرمة بخلاف حرمة مصاهرة لأنها تثبت لدفع فساد قطيعة الرحم أو باعتبار الجزئية والبعضية لكون الوطئ سببا لحصول الولد ولك واحد من المعنيين لا يتقدر بعد الموت لذلك افترقا وقوله اللبن ينجس بالموت ممنوع وهذا شئ بناه على أصله فأما على أصل أصحابنا فاللبن لا ينجس بالموت بل هو طاهر بعد الموت وان تنجس الوعاء
(٨)