بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ٣
يتزوج بالآخر ولا بولده كما في النسب وأمهات المرضعة يحرمن على المرضع لأنهن جداته من قبل أمه من الرضاعة وآباء المرضعة أجداد المرضع من الرضاعة فيحرم عليهم كما في النسب وأخوات المرضعة يحرمن على المرضع لأنهن خالاته من الرضاعة وأخواتها أخوال المرضع فيحرم عليهم كما في النسب فاما بنات اخوة المرضعة وأخواتها فلا يحرمن على المرضع لأنهن بنات أخواله وخالاته من الرضاعة وانهن لا يحرمن من النسب فكذا من الرضاعة وتحرم المرضعة على أبناء المرضع وأبناء أبنائه وان سفلوا كما في النسب هذا تفسير الحرمة في جانب المرضعة والأصل في هذه الجملة قول النبي صلى الله عليه وسلم يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب فيجب العمل بعمومه الا ما خص بدليل واما الحرمة في جانب زوج المرضعة التي نزل لها منه لبن فثبتت عند عامة العلماء وعامة الصحابة رضي الله عنهم وروى عن رافع بن خديج رضي الله عنه أنه قال لا تثبت وهو قول سعيد بن المسيب وعطاء بن يسار وبشر المريسي ومالك وهي المسألة الملقبة عند الفقهاء بلبن الفحل انه هل يحرم أو لا وتفسير تحريم لبن الفحل ان المرضعة تحرم على زوج المرضعة لأنها بنته من الرضاع وكذا على أبنائه الذين من غير المرضعة لأنهم أخوتها لأب من الرضاعة وكذا على أبناء أبنائه وأبناء بناته من غير المرضعة لأنهم أبناء اخوة المرضعة وأخواتها لأب من الرضاعة وعلى هذا إذا كان لرجل امرأتان فحملتا منه وأرضعت كل واحدة منهما صغيرا أجنبيا فقد صارا أخوين لأب من الرضاعة فإن كان أحدهما أنثى فلا يجوز النكاح بينهما لان الزوج أخوها لأبيها من الرضاعة وإن كانا أنثيين لا يجوز لرجل ان يجمع بينهما لأنهما أختان لأب من الرضاعة وتحرم على آباء زوج المرضعة لأنهم أجدادها من قبل الأب من الرضاعة وكذا على اخوته لأنهم أعمامها من الرضاعة وأخواته عمات المرضع فيحرمن عليه واما أولاد اخوته وأخواته فلا تحرم المناكحة بينهم لأنهم أولاد الأعمام والعمات ويجوز النكاح بينهم في النسب فيجوز في الرضاع هذا تفسير لبن الفحل احتج من قال إنه لا يحرم بان الله عز وجل بين الحرمة في جانب المرضعة ولم يبين في جانب الزوج بقوله تعالى وأمهاتكم من اللاتي أرضعنكم ولو كانت الحرمة ثابتة في جانبه لبينها كما بين في النسب بقوله عز وجل حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم ولان المحرم هو الارضاع وانه وجد منها لا منه فصارت بنتا لها لا له والدليل عليه انه لو نزل للزوج لبن فارتضعت منه صغيرة لم تحرم عليه فإذا لم تثبت الحرمة بلبنه فكيف تثبت بلبن غيره ولنا الحديث المشهور وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وروى أن عائشة رضي الله عنها قالت جاء عمى من الرضاعة فاستأذن على فأبيت ان آذن له حتى أستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك فقال صلى الله عليه وسلم إنما هو عمك فاذني له فقلت يا رسول الله إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انه عمك فليلج عليك قالت عائشة رضي الله عنها وكان ذلك بعد ان ضرب علينا الحجاب أي بعد أمر الله عز وجل النساء بالحجاب عن الأجانب وقيل كان الداخل عليك أفلح أخا أبي القعيس وكانت امرأة أبي القعيس أرضعتها وعن عمرة أن عائشة رضي الله عنها أخبرتها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عندها وانها سمعت صوت رجل يستأذن في بيت حفصة قالت عائشة فقلت يا رسول الله هذا رجل يستأذن في بيتك فقال أراه فلانا لعم حفصة من الرضاعة فقلت يا رسول الله لو كان فلانا حيا لعمي من الرضاعة أكان يدخل على فقال نعم ان الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة وعن علي رضي الله عنه أنه قال لا تنكح من أرضعته امرأة أبيك ولا امرأة أخيك ولا امرأة ابنك وعن ابن عباس رضي الله عنهما انه سئل عن رجل له امرأتان أو جارية وامرأة فأرضعت هذه غلاما وهذه جارية هل يصلح للغلام أن يتزوج الجارية فقال رضي الله عنه لا اللقاح واحد بين الحكم وأشار إلى المعنى وهو اتحاد اللقاح ولان المحرم هو اللبن وسبب اللبن هو ماء الرجل والمرأة جميعا فيجب أن يكون الرضاع منهما جميعا كما كان الولد لهما جميعا وأما قولهم إن الله تعالى بين الحرمة في جانب المرضعة لا في جانب زوجها فنقول إن لم بينها نصا فقد بينها دلالة وهذا لان البيان من الله تعالى بطريقين بيان إحاطة وبيان كفاية فبين في النسب بيان إحاطة وبين في الرضاع بيان كفاية تسليطا
(٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222