لئلا يفعل مثله في المستقبل فلا يجب لها شئ سواء تعمدت الفساد أو لم تتعمد لان فعلها جناية في الحالين ويرجع الزوج بما أدى على الكبيرة إن كانت تعمدت الفساد وإن كانت لم تتعمد لم يرجع عليها كذا ذكر المشايخ وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف وروى عن محمد أن له أن يرجع عليها سواء تعمدت الفساد أو لم تتعمد وهو قول زفر وبشر المريسي والشافعي وجه قولهم أن هذا ضمان الاتلاف وأنه لا يختلف بالعمد والخطأ والدليل على أن هذا ضمان الاتلاف ان الفرقة حصلت من قبلها بارضاعها ولهذا لم تستحق المهر أصلا ورأسا سواء تعمدت الفساد أو لم تتعمد وإذا كان حصول الفرقة من قبلها بارضاعها صارت بالارضاع مؤكدة نصف المهر على الزوج لأنه كان محتملا للسقوط بردتها أو تمكينها من ابن الزوج أو تقبيلها إذا كبرت فهي بالارضاع أكدت نصف المهر بحيث لا يحتمل السقوط فصارت متلفة عليه ماله فتضمن وجه قول محمد أنها وان تعمدت الفساد فهي صاحبة شرط في ثبوت الفرقة لأن علة الفرقة هي الارتضاع للصغيرة لما بينا والحكم يضاف إلى العلة لا إلى الشرط على أن ارضاعها إن كان سبب الفرقة فهو سبب محض لأنه طرأ عليه فعل اختياري وهو ارتضاع الصغيرة والسبب إذا اعترض عليه فعل اختياري يكون سببا محضا والسبب المحض لا حكم له وإن كان صاحب السبب متعمدا في مباشرة السبب كفتح باب الإصطبل والقفص حتى خرجت الدابة وضلت أو طار الطير وضاع ولأن الضمان لو وجب عليها اما ان يحب باتلاف ملك النكاح أو باتلاف الصداق أو بتأكيد نصفه على الزوج لا وجه لان ملك النكاح غير مضمون بالاتلاف على أصلنا ولا وجه للثاني لأنها ما أتلفت الصدق بل أسقطت نصفه والنصف الباقي بقي واجبا بالنكاح السابق ولا وجه للثالث لان التأكيد لا يماثل التفويت فلا يكون اعتداء بالمثل ولأبي حنيفة وأبي يوسف أن الكبيرة وإن كانت محصلة شرط الفرقة وعلة الفرقة من الصغيرة كما ذكره محمد لكن الأصل ان الشرط مع العلة إذا اشتركا في الحظر والإباحة أي في سبب المؤاخذة وعدمه فإضافة الحكم إلى العلة أولى من اضافته إلى الشرط فاما إذا كان الشرط محظورا والعلة غير موصوفة بالحظر فإضافة الحكم إلى الشرط أولى من اضافته إلى العلة كما في حق البئر على قارعة الطريق فالكبيرة إذا لم تكن تعمدت الفساد فقد استوى الشرط والعلة في عدم الحظر فكانت الفرقة مضافة إلى العلة وهي ارتضاعها وإن كان ت تعمدت الفساد كان الشرط محظورا وهو ارضاع الكبيرة والعلة غير موصوفة بالحظر وهي ارتضاع الصغيرة فكان إضافة الحكم إلى الشرط أولى وإذا أضيفت الفرقة إلى الكبيرة عند تعمدها الفساد ووجب نصف المهر للصغيرة على الزوج ابتداء ملازما للفرقة صارت الفرقة الحاصلة منها كأنها علة لوجوبه لا انه بقي النصف بعد الفرقة واجبا بالنكاح السابق لان ذلك قول بتخصيص العلة لأنه قول ببقاء نصف المهر على وجود العلة المسقطة لكله وانه باطل فصارت الكبيرة متلفة هذا القدر من المال على الزوج إذ الأداء مبنى على الوجوب فيثبت له حق الرجوع عليها ولهذا المعنى وجب الضمان على شهود الطلاق قبل الدخول إذا رجعوا بالاجماع بخلاف ما إذا لم تتعمد الفساد لان عند عدم التعمد لا تكون الفرقة مضافة إلى فعل الكبيرة فلم يوجد منها علة وجوب نصف المهر على الزوج فلا يرجع عليها وأما مسألة فتح باب الإصطبل والقفص فكما يلزمهما يلزم محمدا لان عنده يضمن الفاتح وان اعترض على الفتح فعل الاختياري فقد خرج الجواب عن الباقي فافهم ثم تعمد الفساد يثبت بثلاثة أشياء بعلمها بنكاح الصغيرة وعلمها بفساد النكاح بارضاعها وعدم الضرورة وهي ضرورة خوف الهلاك على الصغيرة لو لم ترضعها والقول قولها في أنها لم تتعمد الفساد مع يمينها لان الزوج بدعوى تعمد الفساد يدعى عليها الضمان وهي تنكر فكان القول قولها وعلى هذا حكم المهر والرجوع في المسائل المتقدمة من الاتفاق والاختلاف ولو تزوج كبيرة وصغيرتين فأرضعتهما الكبيرة فان أرضعتهما معا حرمن عليه لأنهما جميعا صارتا بنتين للمرضعة فصار جامعا بينهن نكاح فحرمن عليه ولا يجوز له أن يتزوج الكبيرة أبدا سواء كان دخل بها أو لم يدخل بها لأنها أم منكوحته فتحرم بنفس العقد على البنت ولا يجوز له أن يجمع بين الصغيرتين نكاحا أبدا لأنهما صارتا أختين من الرضاع ويجوز أن يتزوج بإحداهما إن كان لم يدخل
(١٢)