غيبة سفر فاما إذا كان في المصر فإنه لا يجوز بالاجماع لأنه لا يعد غائبا وأبو سفيان لم يكن مسافرا فدل ان ذلك كان إعانة لا قضاء فإن لم يكن القاضي عالما بالزوجية فسألت القاضي أن يسمع بينتها بالزوجية ويفرض على الغائب قال أبو يوسف يسمعها ولا يفرض وقال زفر يسمع ويفرض لها وتستدين عليه فإذا حضر الزوج وأنكر يأمرها بإعادة البينة في وجهه فان فعلت نفذ القرض وصحت الاستدانة وان لم يفعل لم ينفذ ولم يصح وجه قول زفر ان القاضي إنما يسمع هذه البنية لاثبات النكاح على الغائب ليقال إن الغيبة تمنع من ذلك بل ليتوصل بها إلى الفرض ويجوز سماع البينة في حق حكم دون حكم كشهادة رجل وامرأتين على السرقة وانها تقبل في حق المال ولا تقبل في حق القطع كذا هنا تقبل هذه البينة في حق صحة الفرض لا في اثبات النكاح فإذا حضر وأنكر استعاد منها البينة فان أعادت نفذ الفرض وصحت الاستدانة عليه والا فلا والصحيح قول أبى يوسف لان البينة على أصل أصحابنا لا تسمع الا على خصم حاضر ولا خصم فلا تسمع وما ذكره زفر ان بينتها تقبل في حق صحة الفرض غير سديد لان صحة الفرض مبنية على ثبوت الزوجية فإذا لم يكن إلى اثبات الزوجية بالبينة سبيل لعدم الخصم لم يصح فلا سبيل إلى القبول في حق صحة الفرض ضرورة هذا إذا كان الزوج غائبا ولم يكن له مال حاضر فاما إذا كان له مال حاضر فإن كان المال في يدها وهو من جنس النفقة فلها ان تنفق على نفسها منه بغير أمر القاضي لحديث أبي سفيان فلو طلبت المرأة من القاضي فرض النفقة فذلك المال وعلم القاضي بالزوجية وبالمال فرض لها النفقة لان لها أن تأخذه فتنفق على نفسها من غير فرض القاضي في هذه الصورة قضاء بل كان إعانة لها على استيفاء حقها وإن كان في يد مودعة أو مضاربه أو كان له دين على غيره فإن كان صاحب اليد مقرا بالوديعة والزوجية أو كان من عليه الدين مقرا بالدين والزوجية أو كان القاضي عالما بذلك فرض لها في ذلك المال نفقتها في قول أصحابنا الثلاثة وقال زفر لا يفرض وجه قوله إنه هذه قضاء على الغائب من غير أن يكون عنه حاضرا إذا المودع ليس بخصم عن الزوج وكذا المديون فلا يجوز ولنا ان صاحب اليد وهو المودع إذا أقر بالوديعة والزوجية أو أقر المديون بالدين والزوجية فقد أقر ان لها حق الاخذ والاستيفاء لان للزوجة أن تمديد ها إلى ما لزوجها فتأخذ كفايتها منه لحديث امرأة أبي سفيان فلم يكن القاضي فرض لها النفقة في ذلك المال قضاء بل كان إعانة لها على أخذ حقها وله على احياء زوجته فكان له ذلك وان جحد أحد الامرين ولا اعلم للقاضي به لم يسمع البينة ولم يفرض لان سماع البينة والفرض يكون قضاء على الغائب من غير خصم حاضر لأنه ان أنكر الزوجية لا يمكنها إقامة البينة على الزوجية لان المودع ليس بخصم عنه في الزوجية وان أنكر الوديعة أو الدين لا يمكنها إقامة البينة على الوديعة والذين لأنها ليست بخصم عن زوجها في اثبات حقوقه فكان سماع البينة على ذلك قضاء على الغائب من غير أن يكون عنه خصم حاضر وذلك غير جائز عندنا هذا إذا كان الوديعة والدين من جنس النفقة بأن كانت دراهم أو دنانير أو اطعاما أو ثيابا من جنس كسوتها فاما إذا كان من جنس آخر فليس لها أن تتناول شيئا من ذلك وان طلبت من القاضي فرض النفقة فيه فإن كان عقارا لا يفرض القاضي النفقة فيه بالا جماع لأنه لا يمكن ايجاب النفقة فيه الا بالبيع ولا يباع العقار على الغائب في النفقة بالاتفاق وإن كان منقولا من العروض فقد ذكر القاضي في شرحه مختصرا الطحاوي الخلاف فيه فقال القاضي لا يبيع العروض عليه في قول أبي حنيفة وعندهما له ان يبيعها عليه وهي مسألة الحجر على الحر العاقل البالغ وذكر القدوري المسألة على الاتفاق فقال القاضي إنما يبيع على أصلهما على الحاضر الممتنع عن قضاء الدين لكونه ظالما في الامتناع دفعا لظلمه الغائب لا يعلم امتناعه فلا يعلم ظلمه فلا يباع عليه وإذا فرض القاضي لها النفقة في شئ من ذلك وأخذ منها كفيلا فهو حسن لاحتمال أن يحضر الزوج فيقيم البينة على طلاقها أو على ايفاء حقها في النفقة عاجلا فينبغي أن يستوثق فيما يعطيها بالكفالة ثم إذا رجع الزوج ينظر إن كان لم يجعل لها النفقة فقد مضى الامر وإن كان قد عجل وأقام البينة على ذلك أو لم يقم له بينة واستحلفها فنكلت فهو بالخيار ان شاء أخذ من المرأة وان شاء أخذ من الكفيل
(٢٧)