منكوحة ابنه ولو تزوج صغيرة فطلقها ثم تزوج كبيرة لها لبن فأرضعتها حرمت عليه لأنها صارت أم منكوحة كانت له فتحرم بنكاح البنت والله عز وجل أعلم.
{فصل} وأما بيان ما يثبت به الرضاع أي يظهر فالرضاع يظهر بأحد أمرين أحدهما الاقرار والثاني البينة أما الاقرار فهو أن يقول لامرأة تزوجها هي أختي من الرضاع أو أمي من الرضاع أو بنتي من الرضاع ويثبت على ذلك ويصبر عليه فيفرق بينهما لأنه أقر ببطلان ما يملك ابطاله للحال فيصدق فيه على نفسه وإذا صدق لا يحل له وطؤها والاستمتاع بها فلا يكون نفي ابقاء النكاح فائدة فيفرق بينهما سواء صدقته أو كذبته لان الحرمة ثابتة في زعمه ثم إن كان قبل الدخول بها فلها نصف المهر ان كذبته لان الزوج مصدق على نفسه لا عليها بابطال حقها في المهر وإن كان بعد الدخول بها فلها كمال المهر والنفقة والسكنى لأنه غير مصدق بابطال حقها فان أقر بذلك ثم قال أوهمت أو أخطأت أو غلطت أو نسيت أو كذبت فهما على النكاح ولا يفرق بينهما عندنا وقال مالك والشافعي يفرق بينهما ولا يصدق على الخطأ وغيره وجه قولهما انه أقر بسبب الفرقة فلا يملك الرجوع كما لو أقر باطلاق ثم رجع قال لامرأته كنت طلقتك ثلاثا ثم قال أوهمت والدليل عليه انه لو قال لامته هذه امرأتي أو أمي أو أختي أو ابنتي ثم قال أوهمت انه لا يصدق وتعتق كذا ههنا ولنا ان الاقرار اخبار فقوله هذه أختي اخبار منه انها لم تكن زوجته قط لكونها محرمة عليه على التأبيد فإذا قال أوهمت صار كأنه قال ما تزوجتها ثم قال تزوجتها وصدقته المرأة ولو قال ذلك يقران على النكاح كذا هذا بخلاف الطلاق لان قوله كنت طلقتك ثلاثا اقرار منه بانشاء الطلاق الثلاث من جهته ولا يتحقق انشاء الطلاق الا بعد صحة النكاح فإذا أقر ثم رجع عنه لم يصدق وبخلاف قوله لامته هذه أمي أو ابنتي لان ذلك لا يقتضى نفى الملك في الأصل ألا ترى انها لو كانت أمه أو ابنته حقيقة جاز دخولها في ملكه حتى يقع العتق عليها من جهته فتضمن هذا اللفظ منه انشاء العتق عليها فإذا قال أوهمت لا يصدق كما لو قال هذه حرة ثم قال أوهمت وكذلك إذا أقر الزوج بهذا قبل النكاح فقال هذه أختي من الرضاع أو أمي أو بنتي وأصر على ذلك وداوم عليه لا يجوز له أن يتزوجها ولو تزوجها يفرق بينهما ولو قال أوهمت أو غلطت جاز له ان يتزوجها عندنا لما قلنا ولو جحد الاقرار فشهد شاهدان على اقراره فرق بينهما وكذلك إذا أقر بالنسب فقال هذه أمي من النسب أو بنتي أو أختي وليس لها نسب معروف وانها تصلح بنتا له أو أما له فإنه يسئل مرة أخرى فان أصر على ذلك وثبت عليه يفرق بينهما لظهور النسب باقراره مع اصراره عليه وان قال أوهمت أو أخطأت أو غلطت يصدق ولا يفرق بينهما عندنا لما قلنا وإن كان لها نسب معروف أو لا تصلح أما أو بنتا له لا يفرق بينهما وان دام على ذلك لأنه كاذب في اقراره بيقين والله أعلم وأما البينة فهي ان يشهد على الرضاع رجلان أو رجل أو امرأتان ولا يقبل على الرضاع أقل من ذلك ولا شهادة النساء بانفرادهن وهذا عندنا وقال الشافعي يقبل فيه شهادة أربع نسوة وجه قوله إن الشهادة على الرضاع شهادة على عورة إذ لا يمكن تحمل الشهادة الا بعد النظر إلى الثدي وانه عورة فيقبل شهادة النساء على الانفراد كالولادة ولنا ما روى محمد عن عكرمة بن خالد المخزومي عن عمر رضي الله عنه أنه قال لا يقبل على الرضاع أقل من شاهدين وكان ذلك بمحضر من الصحابة ولم يظهر النكير من أحد فيكون اجماعا ولان هذا باب مما يطلع عليه الرجال فلا يقبل فيه شهادة النساء على الانفراد كالمال وإنما قلنا ذلك لان الرضاع مما يطلع عليه الرجال أما ثدي الأمة فلانه يجوز للأجانب النظر إليه وأما ثدي الحرة فيجوز لمحارمها النظر إليه فثبت ان هذه الشهادة مما يطلع عليه الرجال فلا يقبل فيه شهادة النساء على الانفراد لان قبول شهادتهن بانفرادهن في أصول الشرع للضرورة وهي ضرورة عدم اطلاع الرجال على المشهود به فإذا جاز الاطلاع عليه في الجملة لم تتحقق الضرورة بخلاف الولادة فإنه لا يجوز لاحد فيها من الرجال الاطلاع عليها فدعت الضرورة إلى القبول وإذا شهدت امرأة على الرضاع فالأفضل للزوج ان يفارقها لما روى عن محمد ان عقبة ابن الحرث قال تزوجت بنت أبي اهاب فجاءت امرأة سوداء فقالت انى أرضعتكما فذكرت ذلك لرسول الله صلى