أي أنه إذا حاصر الجيش حصنا وأرادوا قتل من فيه فقال أهل الحصن: ننزل لكم منه على حكم فلان أو راضين بحكم فلان فينا الذي هو من جملة الجيش، فلا يجوز للامام إنزالهم من الحصن أو القلعة على حكم غيره بل على حكمه، ثم إذا كانوا مترجين أن فلانا يحكم فيهم بحكم هين كفداء فلما نزلوا حكم فيهم بالقتل أو الأسر لما رآه من المصلحة أجبروا على ذلك الحكم ولا عبرة بقولهم بعد نزولهم وحكم فلان فيهم لا نرضى بحكمه لأننا كنا نظن أنه يرأف بنا فوجدناه ليس كذلك. قوله: (أو من قدم إلخ) أي فإذا قدم بلادنا حربيون بتجارة وطلبوا الدخول بأمان وقالوا: نرضى بما يحكم به علينا فلان من أخذ ما يرضيه من الأموال التي بأيدينا فإذا دخلوا وقال: حكمت بالعشر فأبوا من ذلك فإنهم يجبرون على ما حكم به فلان من أخذ العشر أو غيره. قوله: (كذا قيل) أي وفيه نظر بل هو غير صحيح إذ العدالة لا بد منها في كل حاكم وهي لا تتجزأ، فلا يصح كونه عدلا فيما حكموه فيه دون غيره سواء كان الحاكم عاما أو خاصا، والصواب أن المراد عدل الشهادة وهو الحر الذكر البالغ العاقل السالم من الفسق انظر بن.
قوله: (كتأمين غيره) أي فإذا أمن غير الامام إقليما وجب نظر الامام في ذلك فإن كان صوابا أمضاه وإلا رده وتولى الحكم بنفسه وذلك لان تأمين الإقليم من خصائص الامام. قوله: (وإن لم يكن أحد الأقاليم السبعة) أي التي هي: الهند والحجاز ومصر وبابل والروم والترك ويأجوج ومأجوج والصين، وأما المغرب والشام فمن مصر بدليل اتحاد الدية والميقات واليمن والحبشة من الحجاز وكل إقليم من هذه الأقاليم سبعمائة فرسخ في مثلها من غير أن يحسب من ذلك جبل ولا واد والبحر الأعظم محيط بذلك ومحيط به بجبل قاف. قوله: (والأولى حذف مؤمن) هذا إذا جعل مؤمن مأخوذا من الأمان أو من التأمين وهو غير متعين لجواز أن يكون مأخوذا من الايمان فيكون قوله لا ذميا محترزه وهو عطف على من مؤمن لأنه واقع في محل الحال. قوله: (تأويلان) سببهما قول المدونة قال مالك: أمان المرأة جائز. ابن القاسم: وكذا عندي أمان العبد والصبي إذا كان الصبي يعقل الأمان. وقال ابن الماجشون:
ينظر فيه الامام بالاجتهاد. ابن يونس: جعل عبد الوهاب قول ابن الماجشون خلافا وجعله غيره وفاقا فقولها أمانها جائز أراد بالجواز بعد الوقوع لا إباحة الاقدام عليه ابتداء. قوله: (ولو خارجا على الامام إلخ) الحاصل أن من كملت فيه ستة شروط وهي: الاسلام والعقل والبلوغ والحرية والذكورية وعدم الخوف منهم إذا أعطي أمانا كان كأمان الامام في الجواز ابتداء ولا يتعقب ولو كان خسيسا لا يسأل عنه إذا غاب ولا يشاور إن حضر ولو كان خارجا على الامام، فإن وقع الأمان من صبي مميز أو رقيق أو أنثى ففيه الخلاف، وإن صدر من كافر أو من غير مميز أو من خائف منهم كان غير منعقد اتفاقا.
قوله: (وإنما الخلاف في الصغير) أي في جوازه ابتداء وعدم جوازه ابتداء بل إن أمضاه الامام مضى وإن رده رد. قوله: (إذا أمضاه) هذا شرط فيما يحتاج لامضاء كتأمين المرأة والعبد والصبي لعدد محصور على أحد القولين السابقين، وكتأمين الذكر الحر البالغ إقليما، أما تأمين الذكر الحر البالغ لمسلم العدد المحصور فإنه يسقط به القتل ولا يتوقف على إمضاء الامام لأنه ماض في نفسه. قوله: (ولو بعد الفتح)