حاشية الدسوقي - الدسوقي - ج ٢ - الصفحة ١٧٩
اختلفت كلمتهم جاز الفرار مطلقا ولو بلغوا اثني عشر ألفا، فإن لم تختلف حرم الفرار إن بلغوا نصف العدو، فإن كانوا أقل من نصفه جاز لهم الفرار إن لم يبلغوا اثني عشر ألفا وإلا فلا يجوز، فعلمت من هذا أن قوله: ولم يبلغوا إلخ قيد في المفهوم لا في المنطوق فكأنه قال: وحرم فرار إن بلغ المسلمون النصف وجاز إن نقصوا ولم يبلغوا إلخ. قوله: (إلا تحرفا) استثناء متصل باعتبار الصورة لأنه صورة فرار منقطع نظرا للحقيقة لان التحرف ليس فرارا في الحقيقة. قوله: (وهذا) أي جواز التحيز إلى فئة يتقوى بها.
قوله: (وقرب المنحاز إليه) أي بأن يكون انحيازه إلى فئة خرج معها، أما لو خرجوا من بلد والأمير مقيم في بلدة فلا يجوز لاحد الفرار حتى ينحاز إليه كذا في ح. وقوله: وقرب المنحاز إليه أي ولم يكن المتحيز أميرا لجيش، فأمير الجيش لا يجوز له الفرار ولو على سبيل التحيز ولو أدى لهلاك نفسه، وبقاء الجيش من غير أمير ما لم يفر جميع الجيش عند هلاكه. قوله: (وحرم بعد القدرة عليهم) أي وأما قبل القدرة عليهم فيجوز لنا أن نقتلهم بأي وجه من وجوه القتل ولو كان في ذلك الوجه تمثيل. قوله: (وإلا جاز) أي وإلا جاز التمثيل بهم بعد القدرة عليهم. قوله: (وحمل رأس كافر) أي على رمح. وقوله: لبلد أي ثان سواء كان الوالي ماكثا فيها أم لا. وقوله: أو إلى وال أي ولو كان في بلد القتال نفسها. قوله: (وأما في البلد) أي وأما حملها في بلد القتال لا للوالي فهو جائز بخلاف البغاة فإنه لا يجوز، والظاهر أن محل حرمة حمل رأس الحربي لبلد ثان ما لم يكن في ذلك مصلحة شرعية كاطمئنان القلوب بالجزم بموته وإلا جاز، فقد حمل للنبي رأس كعب بن الأشرف من خيبر للمدينة. قوله: (حرم خيانة أسير) أي فيما أمن عليه خاصة. قوله: (طائعا) أي بالائتمان سواء كان الائتمان مصرحا بهذا مثل أن يقال له: أمناك على مالنا أو على كذا، أو كان غير مصرح به كما إذا أعطى الأسير ما يخيطه فلا يجوز له السرقة منه لعموم خبر: أد الأمانة لمن ائتمنك إن قلت: الفرض أنه أسير فكيف يتأتى منه طوع؟ قلت: يمكن ذلك فيمن أسر ابتداء فلما وصل لبلادهم أحبوه وأطلقوه وأعجبته بلادهم لكثرة المآكل والمشارب. قوله: (بعهد منه) أي بأن قال لهم: عاهدتكم على أني لا أخونكم في مالكم أو على أني لا أهرب بعد أن قالوا له: أمناك على نفسك أو على أموالنا. قوله: (أو بلا عهد) أي أو اؤتمن على نفسه أو على أموالهم من غير أخذ عهد منه على ذلك بأن قالوا له: أمناك على نفسك أو على أموالنا أو على حريمنا وأولادنا، ولم يقل لهم: عاهدتكم على أني لا أخون في ذلك. قوله: (فله الهروب) فإن تنازع الأسير ومن أمنه هل وقع الائتمان على الطوع أو الاكراه؟ فالقول قول الأسير قاله عج.
قوله: (ولو بيمين) أي أخذوه منه على ذلك بأن قال لهم بعد أن أمنوه مكرها: والله لا أخونكم في مالكم أو والله لا أهرب. وفي حاشية السيد: أن الأسير إذا عاقدهم على الفداء لا يجب عليه الرجوع إذا عجز بل يسعى جهده ويوصله لهم إلا أن يشترط عليه الرجوع، وذكر خلافا في وجب الوفاء إذا اقترض الفداء من حربي فانظره. قوله: (إلا إن جاء تائبا) أي وأتى بما سرق فلا يؤدب. قوله: (ولو بعد القسم وتفرق الجيش) فيه نظر بل الحق أنه إن جاء تائبا قبل القسم فلا يؤدب، وإن جاء بعده وبعد تفرق الجيش فإنه يؤدب ويتصدق بما أخذه لقول ابن رشد كما في ح والتوضيح: ومن تاب بعد القسم وافتراق الجيش أدب عند جميعهم قياسا على الشاهد يرجع بعد الحكم لان افتراق الجيش كنفوذ الحكم بل هو أشد لقدرته على الغرم للمحكوم عليه وعجزه عن ذلك في الجيش اه‍ بن. قوله: (وجاز أخذ محتاج) أي من المغنم قبل قسمه. قوله: (ما لم يمنع من ذلك) أي من الاخذ فإن منعه الامام من الاخذ فلا يجوز له أن يأخذ، لكن الذي في المدونة: ولو
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»
الفهرست