مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ٩٢
يرفع به الصوت انتهى. وقال ابن فرحون: والتطريب مد المقصور وقصر الممدود. وسمع عبد الله بن عمر رجلا يطرب في أذانه فقال: لو كان عمر حيا فك لحييك انتهى. وقال ابن ناجي:
يكره التطريب لأنه ينافي الخشوع والوقار وينحو إلى الغناء. والكراهة في التطريب على بابها إن لم تتفاحش وإلا فالتحريم. وألحق ابن حبيب التحزين بالتطريب، نقله أبو محمد. وأما الحسن الصوت فحسن كالقراءة والذكر. قال ابن رشد: ورأيت المؤذنين بالقاهرة يستعملون التطريب، وأظن الشافعي وأبا حنيفة يريان ذلك لأن النفوس تخشع عند سماع ذلك وتميل إليه.
قال بعض العلماء: النفوس تخشع للصوت الحسن كما تخشع للوجه الحسن. ابن ناجي: فرق بين الصوت الحسن والتطريب انتهى. وقال في المدخل: يكره التطريب في الاذان وكذلك التحزين، ويكره إمالة حروفه وإفراط المد فيه وغير ذلك مما ذكره الفقهاء. ثم قال: وليحذر أن يؤذن بالألحان مما يشبه الغناء حتى لا يعلم ما يقوله من ألفاظ الاذان، وهي بدعة مستهجنة قريبة الحدوث أحدثها بعض الامراء بمدرسة بناها، ثم سرى ذلك منها إلى غيرها. قال الإمام أبو طالب المكي: ومما أحدثوه التلحين في الاذان وهو من البغي والاعتداء. قال رجل من المؤذنين لابن عمر: إني لأحبك في الله فقال له ابن عمر: إني لأبغضك في " الله لأنك تغني في أذانك وتأخذ عليه أجرا انتهى. وقال شيخ زروق: والتطريب والتحزين مكروه، والمغير للمعنى أو القادح فيه ممنوع انتهى. فتحصل من هذا أنه يستحب في المؤذن أن يكون حسن الصوت ومرتفع الصوت وأن يرجع صوته، ويكره الصوت الغليظ الفظيع والتطريب والتحزين إن لم يتفاحش وإلا حرم.
فوائد: الأولى: في بيان أمور يغلط فيها المؤذنون منها مد الباء من أكبر فيصير جمع كبر بفتح الباء وهو الطبل فيخرج إلى معنى الكفر. ومنها المد في أول أشهد فيخرج إلى حيز الاستفهام والمراد أن يكون خبرا إنشائيا، وكذلك يصنعون في أول الجلالة. ومنها الوقف على لا إله وهو كفر وتعطيل. قال القرافي: وقد شاهدت مؤذن الإسكندرية يمد إلى أن يفرغ نفسه هناك ثم يبتدئ إلا الله ومنها أن بعضهم لا يدغم تنوين محمد في الراء بعدها وهو لحن خفي عند القراء. ومنها أن بعضهم لا ينطق بالهاء من الصلاة في قوله: حي على الصلاة ولا بالحاء من حي على الفلاح فيخرج إلى الدعاء إلى صلاة النار في الأول، وإلى الفلا في الثاني، والفلا جمع فلاة وهي المفازة، نبه على هذه المواضع القرافي والمصنف في التوضيح وابن فرحون، وزاد الشيخ زروق في شرح الرسالة مد همزة أكبر وتسكينها وفتح النون من أن لا إله إلا الله والمد على هاء إله وتسكينها أو تنوينها وهو أفحش. والاتيان بهاء زائدة بعد الهاء من إله وضم محمد ومد حي أو تخفيفها وإبدال همزة أكبر واوا وقد استخفوه في الاحرام فيكون هناك أحرى انتهى مختصرا.
قلت: ويبقى شئ لم أر من نبه عليه وهو إشباع مد ألف الجلالة التي بين اللام والهاء
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»
الفهرست