مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ٩٥
الطريق. قال في الصحاح: والمنارة التي يؤذن عليها، والمنارة أيضا يوضع فوقها السراج وهي مفعلة بفتح الميم والجمع المناور بالواو لأنه من النور، ومن قال منائر وهمز فقد شبه الأصل بالزائد انتهى. وهو شاذ ويقال لها أيضا: المئذنة بكسر الميم ثم همزة ساكنة، قاله في الصحاح.
ويجوز إبدال الهمزة ياء وذكر بعضهم عن كراع أنه يقال: مأذنة بفتح الميم.
تنبيهات: الأول: ظاهر آخر كلام صاحب المدخل أنه إذا كان المنار سابقا على بناء الدور أنه لا يمنع من الصعود وهو خلاف ما يقتضيه أول كلامه، وظاهر كلامه في البيان أنه يمنع من الصعود ولو كان المنار قديما. قاله في أول رسم من سماع أشهب من كتاب الصلاة.
قيل لسحنون: فالمسجد يجعل فيه المنار فإذا صعد المؤذن فيه عاين ما في الدور التي يجاورها المسجد فيريد أهل الدور منعه من الصعود، وربما كانت بعض الدور على البعد من المسجد يكون بينهم الفناء الواسع أو السكة الواسعة؟ قال: يمنع من الصعود فيها لأن هذا من الضرر.
قال محمد بن رشد: هذا صحيح على أصل مذهب مالك في الاذان في أن الاطلاع من الامر الذي يجب القضاء بقطعه، وكذا يجب عندي على مذهب من يرى من أصحاب مالك أن من أحدث في ملكه اطلاعا على جاره لا يقضى عليه بسده، ويقال لجاره: استر على نفسك.
والفرق بين الموضعين على مذهبهم أن المنار ليس بملك للمؤذن وإنما يصعد عليه ابتغاء الثواب والاطلاع على حرم الناس محظور ولا يحل الدخول في نافلة بمعصية، وسواء كانت الدور على القرب أو على البعد إلا أن يكون البعد الكثير الذي لا يتبين معه الاشخاص والهيئات، ولا الذكران من الإناث، فلا يعتبر الاطلاع معه انتهى.
الثاني: قال في المدخل: وينهى الامام المؤذنين عما أحدثوه من أذان الشباب على المنار لأنه لم يكن من فعل من مضى، وقد تقدم في أوصاف المؤذن أن يكون من أتقاهم ولا يعرف ذلك في الشباب. وينبغي للمؤذن الذي يصعد على المنار أن يكون متزوجا لأنه أغض لطرفه والغالب في الشباب عدم ذلك، والمنار لا يصعده إلا مأمون الغائلة، وقد كان بعض الصالحين بمدينة فاس يصحب إمام المسجد الأعظم الذي هناك وكان للرجل الصالح ولد حسن الصوت فطلب من الامام أن يأذن لولده في الصعود على المنار ليؤذن فأبى عليه فقال له: ولم تمنعه؟
قال: إن المنار لا يصعده عندنا إلا من شاب ذراعاه، لأن ذلك دليل على الطعن في السن.
وقال: أتريد أن تحدث الفتنة في قلوب المؤمنين والمؤمنات فيمنع من ذلك جهده إذا كان على المنار. وأما على باب المسجد فيجوز ذلك وكذلك على سطحه إذا كان لا يكشف أحدا والله الموفق انتهى. وقال في مختصر الوقار: ويحق على إمام المسلمين أن يجتهد في الاختيار للمسلمين في مؤذنيهم يقصد بذلك أهل الفضل والسن والرضا لأنهم مأمونون على أوقات المسلمين وعماد دينهم، ولعله يحتاج إلى إمامة بعضهم فيكون للإمامة أهلا.
الثالث: تلخص مما تقدم أن أذان المؤذن إما على المنار قريبا من البيوت، أو على سطح
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»
الفهرست