يجمعهم لأمروا بالاذان، لأن الجماعة مشروعة في حقهم. وجعل ابن بشير الخلاف في أذان الصبي إنما هو بالجواز والكراهة فقال: وهل يجوز الاذان للجنب والصبي؟ في المذهب قولان:
الكراهة والجواز. فأما الكراهة فلان المؤذن داع إلى الصلاة وهذان ليسا ممن يستحق الدعاء إليها، والجواز لأنه ذكر وهذان من أهله انتهى. فلم يحك فيه إلا الكراهة وذلك صرح في مختصر الوقار فقال: ويكره أذان من لم يبلغ الحلم انتهى. وأما ما ذكره ابن راشد في القسم الثاني أعني أنه لا يختلف في المنع من كونه موقتا يعتمد على أذانه فهو ظاهر أيضا ولا إشكال في المنع منه ابتداء، وإنما ينبغي أن يكون محل الخلاف إذا وقع ذلك وأذن أو كان هناك من يضبط الأوقات ويأمر الصبي بالاذان، فهل يصح أذانه وتحصل به السنة ويسقط به الوجوب على القول: بأن الاذان واجب أم لا؟ هذا محل الخلاف المتقدم وبهذا يتحرر الكلام في هذه المسألة، وعد الفاكهاني في شرح الرسالة البلوغ من صفات الكمال ولم يحك في ذلك خلافا.
تنبيهات: الأول: وبهذا يجمع بين ما وقع في كلام أهل المذهب في اشتراط العدالة فقال ابن عرفة: ويجب كونه عدلا عالما بالوقت إن اقتدى به، ونقله ابن ناجي في شرح المدونة، وقال الفاكهاني في شرح الرسالة: وأما صفات الكمال فهي أن يكون عدلا عارفا بالأوقات إلى آخرها. فيحمل كلام ابن عرفة على أن المراد أن ذلك واجب ابتداء، وكلام الفاكهاني على أنه لو أذن غير العدل وغير العارف بالأوقات صح أذانه. لأنه ابن عرفة لما عد شروط المؤذن لم يذكر ذلك فيها، وأما ما ذكره في الذخيرة عن الجواهر من عده ذلك في شروط المؤذن، وكذلك صاحب العمدة يشترط في المؤذن معرفة الأوقات، وكذلك ذكر صاحب المدخل أنه يشترط أن يكون عدلا عارفا بالأوقات سالما من اللحن فيه، فيحمل ذلك على أنه يجب فيه ابتداء. قال في الذخيرة: قال في الجواهر: ويشترط أن يكون مسلما عاقلا مميزا ذكرا بالغا عدلا عارفا بالأوقات صيتا حسن الصوت انتهى. ولفظ الجواهر الفصل الثالث في صفة المؤذن يشترط أن يكون مسلما عاقلا مميزا ذكرا، ثم تكلم على هذه الشروط ثم قال:
ويستحب الطهارة في الاذان ثم قال: وليكن المؤذن صيتا حسن الصوت. ثم قال: وليكن عدلا عارفا بالأوقات لتقلده عهدتها انتهى. ولا إشكال في وجوب ذلك ابتداء. قال البرزلي في مسائل الصلاة عن السيوري: يلزم كل من قدر على إقامة الحق إقامته، ومن إقامة الحق أن يوكل بالأوقات من يفهم ويعرف كلها ممن يوثق به وينهون عن سبقه، فإن انتهوا وإلا توعدوا فإن عادوا سجنوا.
وقال أبو الطيب: ومن تعدى بعد النهي عوقب. ثم ذكر عن التونسي أن من لم يكن عارفا أو كان غير مأمون لا يقتدى به وينهى أن يبتدئ بالاذان أشد النهي، فإن عاد أدب أدبا وجيعا.
وقال ابن محرز: لا يجوز تقليده ومن صلى بتقليده لم تجزه صلاته انتهى.
الثاني: عد الشيخ يوسف بن عمر الحرية في شروط الصحة وكذلك العدالة ومعرفة الأوقات، ولم يشترط أحد في المؤذن الحرية فيصح أذان العبد، وصرح بذلك صاحب الطراز