فإنه ليس ثم سبب لفظي يقتضي إشباع مدها في الوصل، أما إذا وقف عليها كما في آخر الأذان والإقامة فالمد حينئذ جائز لالتقاء الساكنين. نعم ذكر ابن الجزري في النشر في باب المد والقصر، أن العرب تمد عند الدعاء والاستغاثة وعند المبالغة في نفي الشئ، ويمدون ما لا أصل له بذلك العلة انتهى. ثم رأيت في كتاب المواقيت ما نصه: وقصر الألف الثاني من اسم الله غير جائز إلا في الشعر، والاسراف في مده مكروه لخروجه عن حد المد انتهى.
الثانية: قال في الذخيرة: اختلف العلماء في أكبر هل معناه كبير لاستحالة الشركة بين الله تعالى وغيره في الكبرياء، وصيغة أفعل إنما تكون مع الشركة أو معناه أكبر من كل شئ لأن المملوك وغيرهم في العادة يوصفون بالكبرياء فحسنت صيغة افعل بناء على العادة انتهى.
ومعنى أشهد أتيقن وأعلم والإله المعبود. قال في الذخيرة: وليس المراد نفي المعبود كيف كان لوجود المعبودين في الوجود كالكوكب والأصنام، بل ثم صفة مضمرة تقديرها: لا معبود مستحق للعبادة إلا الله، ومن لم يضمر هذه الصفة لزمه أن يكون يشهده كذبا: وحي اسم فعل بمعنى أقبل. يقال بلفظ واحد للواحد والجمع، تقول العرب: حي على الثريد أي أقبل.
ويقال: هلا على الثريد بمعناه. ويجمع بينهما فيقال: حي هلا بالتنوين وبغير تنوين بتسكين اللام وبتحريكها بالفتح مع الألف، ويعدى ب على كما في الاذان ب إلى وبالباء. قاله في الذخيرة قال: ومنه الحديث: إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر. والفلاح في اللغة الخبر الكثير. أفلح الرجل إذا أصاب خيرا انتهى. وقال الجزولي: الفلاح البقاء في الجنة. الزناتي: الفلاح بالفوز بالمنى بعد النجاة مما يتقى انتهى. ولا بد من مضاف أي على سبب الفوز أو سبب البقاء في الجنة أو سبب الخير الكثير، وظاهر كلام القرافي أن الأثر المذكور حديث وإنما وقفت عليه من قول ابن مسعود كما ذكره القاضي عياض في شرح مسلم في الاذان والقرطبي وابن الأثير في النهاية والحريري في المقامة التاسعة والله أعلم.
الثالثة: قال القرطبي في شرح مسلم وغيره: الاذان على قلة ألفاظه مشتمل على مسائل العقيدة، لأنه بدأ بالأكبرية وهي وجود الله تعالى ووجوبه وكماله، ثم ثنى بالتوحيد ونفي التشريك، ثم ثلث بإثبات الرسالة، ثم دعا من أراد لطاعته، ثم ضمن ذلك بالفلاح وهو البقاء الدائم، فأشعر بأن ثم جزاء ففيه إشارة إلى المعاد، ثم أعاد ما أعاد توكيدا. ونقله ابن حجر في فتح الباري وأصله للقاضي عياض في الاكمال والله أعلم.
الرابعة: قال في المدونة: وإن شاء جعل أصبعيه في أذنيه في أذانه وإقامته، وإن شاء ترك.
قال ابن ناجي: ما ذكر من أن له جعل أصبعيه في أذنيه في أذانه لمالك والأمهات، وألحق به ابن القاسم في الإقامة. وقيل: إنه مستحب للمؤذن. قاله أبو محمد عن ابن حبيب انتهى. وإذا