مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ٨١
الترمذي. وأيضا فقد كان رسول الله (ص) إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال: يا أيها الناس اذكروا الله جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه. رواه أحمد والترمذي وقال: حسن صحيح والحاكم وصححه انتهى. ورد عليه الحافظ السخاوي بأن شيخ الاسلام أعلم المتأخرين بالسنة الحافظ ابن حجر لما نقل عن بعض الحنفية أن النداء قبل الفجر لم يكن بألفاظ الاذان وإنما كان تكبيرا أو تسبيحا كما يقع للناس اليوم قال: هذا مردود لأن الذي يصنعه الناس اليوم محدث قطعا، وقد تظافرت الطرق على التعبير بلفظ الاذان فحمله على معناه الشرعي مقدم ولو كان الاذان الأول بألفاظ مخصوصة لما التبس على السامعين، ومساق الخبر يقتضي أنه خشي عليهم الالتباس. وذكر أيضا عن المنير أن حقيقة الاذان جميع ما يصدر عن المؤذن من قول أو فعل وهيئة. وقال: إنه غريب. قال: ولو كان على ما أطلق لكان ما أحدث من التسبيح قبل الصبح وقبل الجمعة ومن الصلاة على النبي (ص) من جملة الاذان وليس كذلك لا لغة ولا شرعا انتهى. والحاصل أن التسبيح والتذكير محدث قطعا وإنما الخلاف هل هو بدعة حسنة أو مكروهة؟ فقال كثير من العلماء: إنه بدعة حسنة في آخر الليل. واختلفوا في فعله في نصف الليل كما تقدم والله تعالى أعلم. ورد السخاوي على البقاعي في قوله: إن حديث الترمذي صحيح وقال: إنه ليس في نسخته من الترمذي أنه صحيح قال: وليس ذلك في نسخة ابن حجر ولا العراقي، وفي صحيح الحاكم له منازع.
فرع: قال في المدخل: وكذلك ينبغي أن ينهاهم الامام عما أحدثوه من صفة الصلاة والتسليم على النبي (ص) عند طلوع الفجر، ثم ذكر أنهم أحدثوا الصلاة على النبي (ص) في أربع مواضع لم يكن يفعل فيها في عهد من مضى مع أنها قريبة العهد بالحدوث وهي عند طلوع الفجر من كل ليلة، وبعد أذان العشاء ليلة الجمعة، وبعد خروج الامام في المسجد يوم الجمعة ليرقى المنبر، وعند صعود الامام عليه، والكل في الاحداث قريب من قريب أعني في زماننا هذا انتهى. وقال السخاوي في القول البديع: أحدث المؤذنون الصلاة والسلام على رسول الله (ص) عقب الاذان للفرائض الخمس جلا الصبح والجمعة فإنهم يقدمون ذلك قبل الاذان، وإلا المغرب فلا يفعلونه لضيق وقتها، وكان ابتداء حدوثه في أيام الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب وبأمره. وذكر بعضهم أن أمر الصلاح بن أيوب بذلك كان في أذان العشاء ليلة الجمعة، ثم إن بعض الفقراء زعم أنه رأى رسول الله (ص) وأمره أن يقول للمحتسب أن يأمر المؤذنين أن يصلوا عليه عقب كل أذان فسر المحتسب بهذه الرؤيا فأمر بذلك واستمر إلى يومنا هذا. وقد اختلف في ذلك هل هو مستحب أو مكروه أو بدعة أو مشروع؟ واستدل
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»
الفهرست