مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ١٠٣
ثم يدعو بما شاء من أمور الدنيا والآخرة. ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو ابن العاص أنه سمع النبي (ص) يقول: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تبتغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة وقوله:
مقاما محمودا كذا ثبت في الصحيح منكرا وهو موافق للفظ لأنه أعني قوله تعالى: * (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) * وروي معرفا وهو صحيح، رواه ابن خزيمة والنسائي وابن حبان والبيهقي بإسناد صحيح وزاد في رواية البخاري بعد قوله: الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد ورواها البيهقي في سننه وصرح صاحب الطراز باستحباب ذلك. وإنه إنما يستحب ذلك إذا كان في غير صلاة فإنه لما تكلم على الحكاية في الصلاة وذكر قول ابن حبيب: إنه يحكيه في الفرض والنفل وقول سحنون: إنه لا يحكيه فيهما، قال في توجيه القولين: فتعلق ابن حبيب بعموم الحديث، وتعلق سحنون بمساقه فإن فيه ثم صلوا علي وساق الحديث إلى آخره. ثم قال: وإنما يستحب ذلك خارج الصلاة فدل على أن الحديث إنما يعني في غير تلك الحال انتهى. وقال ابن عسكر في عمدته: ويستحب لسامعي الاذان حكايته لمنتهى الشهادتين، ويعوض الحوقلة عن الحوعلة ويقول إذا فرغ المؤذن: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته انتهى.
وقال في القوانين: وينبغي لسامع الاذان أن يصلي على النبي (ص) ويسأل من الله له الوسيلة ثم يدعو بما شاء انتهى. وصرح الشافعية باستحباب ذلك للمؤذن أيضا، ولم أر من صرح به من المالكية، وقال في مختصر الواضحة: قال عبد الملك: ويستحب له الدعاء عند الاذان وعند الإقامة فيما يستحب للرجل أن يقول إذا سمع المؤذن يقول: الله أكبر لبيك داعي الله، سمع السامعون بحمد الله ونعمته، اللهم أفضل علينا وقنا عذاب النار ثم يقول مثل ما يقول. وعن سعد بن أبي وقاص أنه سمع رسول الله (ص) يقول: من سمع المؤذن فقال مثل ما يقول ثم قال: رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد (ص) رسولا غفر الله له وعن جابر بن عبد الله أن رسول الله (ص) قال: من قال حين يسمع الاذان: اللهم رب هذه الدعوة النافعة والصلاة القائمة صل على محمد عبدك ورسولك وأعطه الوسيلة والفضيلة والشفاعة حلت له شفاعتي يوم القيامة وعن عائشة أنها كانت إذا سمعت المؤذن قالت: شهدت وآمنت وأيقنت وصدقت وأجبت داعي الله وكفرت من أبى أن يجيبه انتهى.
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»
الفهرست