مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ٨٢
للأول بقوله: * (وافعلوا الخير) * ومعلوم أن الصلاة والسلام من أجل القرب لا سيما وقد تواترت الاخبار على الحث على ذلك مع ما جاء في فضل الدعاء عقبه والثلث الأخير وقرب الفجر. والصواب أنه بدعة حسنة وفاعله بحسب نيته انتهى.
قلت: وقد أحدث بعض المؤذنين بمكة بعد الاذان الأول للصبح أن يقول: يا دائم المعروف، يا كثير الخير، يا من هو بالمعروف معروف، يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدا.
وذكر البرهان البقاعي أنه حصل بين فقهاء مكة اختلاف في إنكار ذلك وفتنة عظيمة بحيث كادوا يقتتلون. ثم إنه أحدث في مصر في سنة إحدى وسبعين وأنكر ذلك وبالغ في ذلك فألف فيه جزأ سماه القول المعروف في مسألة يا دايم المعروف وخالفه الحافظ السخاوي وألف جزأ في الرد عليه سماه القول المألوف في الرد على منكر المعروف وقال فيه بعد كلام كثير: فعلم أن المؤذن قد أتى بسنة شريفة وهي الدعاء في هذا الوقت المرجو الإجابة، وكونه جهر به ملتحق بالمواطن التي جاءت السنة بالجهر فيها فهو إن شاء الله سنة. وما ذكره يعني البقاعي من المفسدة فهو فاسد كما تقرر وليس بمخطط الرتبة عن التسبيح الذي كاد يسميه سنة انتهى. يعني ما تقدم في قوله إنه مشروع، وأما المفسدة التي أشار إليها البقاعي فهو أنه يأتي به متصلا بالاذان وبصوت الاذان علق المنار فيظن من لا علم عنده أن ذلك من الاذان. ثم ذكر السخاوي عن جماعة من الشافعية وغيرهم أفتوا بجواز ذلك والله سبحانه أعلم.
فرع: قال ابن وهب عن مالك في المجموعة: التثويب بين الأذان والإقامة في الفجر في رمضان وغيره محدث وكرهه انتهى. وقال في الطراز: التثويب بين الأذان والإقامة ليس بمشروع ولا يعرف إلا الأذان والإقامة فقط، فأما دعاء في آخر الاذان غيرهما فلا. واستحب أبو حنيفة أن يثوب في الصبح بين الأذان والإقامة، وروى عنه أبو شجاع أنه قال: التثويب الأول في نفس الاذان يريد به: الصلاة خير من النوم قال: والثاني: بين الأذان والإقامة.
وروى من احتج له في ذلك أن بلالا كان إذا أذن أتى النبي (ص) فقال: حي على الصلاة حي على الفلاح يرحمك الله. وأنكر ذلك أصحاب الشافعي ورووا أن عمر لما قدم مكة جاء أبو محذورة وقد أذن فقال: الصلاة يا أمير المؤمنين، حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على الفلاج حي على الفلاح، فقال له عمر: ويحك أمجنون أنت ما كان في دعائك الذي دعوت ما نأتيك حتى تأتينا، ولو كان سنة لم ينكره أما مالك فقد أنكر ذلك، وقال في العتبية: ليس التثويب بصواب، وروى عنه ابن وهب وابن حبيب أن التثويب بعد الاذان في الفجر في رمضان وفي غيره مكروه، حتى روي عنه على ما في العتبية أنه قال: وتنحنح المؤذن في السحر في رمضان محدث وكرهه، يريد أنهم كانوا يتنحنحون ليعلموا الناس بالفجر فيركعون فكره ذلك ورآه مما ابتدع قال: ولم يبلغني أن السلام على الامام كان في الزمن الأول. وذكر ابن
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»
الفهرست