الغسل الخفيف، لأن العرب تسمي الغسل الخفيف مسحا. حكوه عن ابن زيد الأنصاري وأبي علي الفارسي (1).
ويرد عليه ما قال عنه الصاوي: (وهو بعيد) (2).
وقال عماد الدين الطبري: (إن الشرع أراد تفرقة ما بين البابين فقال: * (فاغسلوا وجوهكم) * ثم قال: * (وامسحوا) *. فلو كانا متقاربين في المعنى لم يقصد إلى التفرقة، فإن تقارن ما بين الغسل والمسح إن اقتضى إطلاق لفظ واحد عليهما، فتقارن ما بينهما يقتضي إطلاق لفظ الغسل على الجميع إطلاقا واحدا، ولم يرجع في الرؤوس إلى لفظ المسح) (3).
أقول: إن ادعى المؤول للآية اتحاد المعنى في المسح والغسل فقد يرد عليه - إضافة إلى ما تقدم من بني قومه: أن العرف واللغة يأبيان ذلك، والعرف يفرق بين مسح الشئ بالماء وبين غسله، بل يعتبر المأمور بمسح الشئ مؤاخذا إذا غسله، لأنه لم ينفذ الأمر المطلوب، بل نفذ غيره. هذا أولا. وثانيا: لماذا لا يقول في الرأس أيضا: إن المراد بمسحه هو الغسل الخفيف؟.
وإن ادعى اختلاف المعنى فيهما، فكيف يجوز إطلاق لفظ واحد وإرادة معنييه الحقيقيين أو إرادة معنى حقيقي وآخر مجازي في استعمال واحد؟ ومخالفة الشافعي لا يؤخذ بها بعد ما حققه المحققون.
التأويل السادس: ما قاله الزمخشري: (إن الأرجل من بين الأعضاء الثلاثة المغسولة، تغسل بصب الماء عليها فكانت مظنة للإسراف المذموم المنهي عنه، فعطفت على الثالث الممسوح، لا لتمسح ولكن لينبه على وجوب الاقتصاد في