ميسرة عمرو بن شرحبيل أنه قال: (لم ينسخ من المائدة شئ) وقال: أخرج عبد ابن حميد، وأبو داود في ناسخه، وابن المنذر عن أبي عون قال: قلت للحسن:
نسخ من المائدة شئ؟ فقال: لا. وقال أيضا: أخرج أبو عبيد عن ضمرة بن حبيب، وعطية بن قيس أنهما قالا: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " المائدة من آخر القرآن نزولا، فأحلوا حلالها وحرموا حرامها ".
وأخرج أحمد، وأبو عبيد في فضائله، والنحاس في ناسخه، والنسائي، وابن المنذر، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في سننه عن جبير بن نفير قال:
حججت فدخلت على عائشة، فقالت لي: يا جبير تقرأ المائدة؟ فقلت: نعم.
فقالت: أما إنها آخر سورة نزلت، فما وجدتم فيها من حلال فأحلوه، وما وجدتم من حرام فحرموه (1).
أقول: وقد ادعى الحازمي وغيره من أكابر القوم نسخ خبر أوس وغيره مما يدل على المسح. فيفهم بناء عليه، أن حكم المسح استمر إلى نزول المائدة في المسح ثم نسخ بقراءة النصب، أو بخبر: " ويل للأعقاب ". وهذا كما ترى رد قاطع على من ادعى عدم ثبوت المسح عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما سيأتي كل ذلك. وستري الحال في دلالة خبر: " ويل للأعقاب " عن قريب إن شاء الله تعالى.
التأويل الثامن: قال الكياالهراسي: (وإن سلمنا لهم أن اللفظ ظاهر في المسح فاحتمال الغسل قائم، والذي يتصل به من القرائن يثبته، ومن القرائن * (الكعبين) *، ومنها خبر: " ويل للأعقاب من النار ") (2).
ويرد على هذا ما قاله فخر الدين الرازي: (والقوم أجابوا بوجهين:
الأول: أن الكعب عبارة عن العظم الذي تحت مفصل القدم، وعلى هذا التقدير فيجب المسح على ظهر القدمين.