وقال في المنار: (إذا أمكن المراء فيما قاله ابن جرير فلا يمكن أن يماري أحد في الجمع بين المسح والغسل بالبدء بالأول على الوجه الذي يقول به موجبو المسح والتثنية بالغسل المعروف) (1).
وفيه ما قد عرفت من عدم التنافي بين القراءتين حتى يكون سببا للقول باجتماع الحكمين المتغايرين فإن كلتيهما ظاهرتان في المسح كما رأيت، مع قصور الأخبار الواردة في الغسل عن الدلالة على المدعى - بعد فرض صحة سندها - وإمكان حملها على محامل قريبة كما تقدم.
وأما ما ذكره رشيد رضا فهو احتياط للجاهل بتكليفه كي يحصل على البراءة اليقينية في مقام العمل، فبعد تشخيص الوظيفة بالأدلة القاطعة لا يبقى له موضوع.
القول الرابع: وجوب استيعاب مسح الرجلين بالماء.
وهذا أيضا مروي عن الحسن البصري [أ]، واختاره ابن جرير الطبري [ب] (2).
قال ابن جرير: (والصواب من القول عندنا في ذلك أن الله أمر بعموم مسح الرجلين بالماء في الوضوء كما أمر بعموم مسح الوجه بالتراب في التيمم، وإذا فعل بهما ذلك المتوضئ كان مستحقا اسم ماسح غاسل، لأن غسلهما إمرار الماء عليهما ومسحهما إمرار اليد أو ما قام مقام اليد عليهما).
ثم قال: (ولاحتمال المسح المعنيان: مسح بعض، ومسح الجميع. اختلفت قراءة القراء في قوله: * (وأرجلكم) *، فنصبها بعضهم توجيها منه ذلك إلى أن الفرض فيهما الغسل، وإنكارا منه المسح عليهما مع تظاهر الأخبار عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعموم مسحهما بالماء. وخفضها بعضهم توجيها منه ذلك إلى أن الفرض فيهما المسح).
ثم يستنتج الطبري قائلا: (فمراد الله من مسحهما العموم، وكان لعمومهما