ومنها: ما رواه مسلم وغيره من أصحاب السنن - واللفظ لمسلم - عن سالم مولى شداد قال: دخلت على عائشة زوج النبي (صلى الله عليه وآله) يوم توفي سعد بن أبي وقاص، فدخل عبد الرحمن بن أبي بكر فتوضأ عندها فقالت: يا عبد الرحمن، أسبغ الوضوء فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " ويل للأعقاب من النار " (1).
وروى محدثو القوم خبر: " ويل للأعقاب من النار " عن جابر بن عبد الله، وعبد الله بن الحارث وغيرهما (2).
هذه هي العمدة في استدلال القوم على وجوب الغسل. وقد استشكل عليها بعض علمائهم فإليك نص كلامهم:
الإشكال الأول من ابن حزم الظاهري. قال - بعد ذكر خبر: " ويل للأعقاب " -:
(ولقد كان يلزم من يترك الأخبار الصحاح للقياس أن يترك هذا الخبر، لأننا وجدنا الرجلين يسقط حكمهما في التيمم كما يسقط الرأس، فكان حملهما على ما تسقطان بسقوطه وتثبتان بثباته أولى من حملهما على ما لا تثبتان بثباته.
وأيضا فالرجلان مذكوران مع الرأس فكان حملهما على ما ذكرا معه أولى من حملهما على ما لم يذكرا معه.
وأيضا فالرأس طرف والرجلان طرف فكان قياس الطرف على الطرف أولى من قياس الطرف على الوسط.
وأيضا فإنهم يقولون بالمسح على الخفين فكان تعويض المسح من المسح أولى من تعويض المسح من الغسل.
وأيضا فإنه لما جاز المسح على ساتر للرجلين ولم يجز على ساتر دون الوجه والذراعين دل - على أصول أصحاب القياس - أن أمر الرجلين أخف من أمر الوجه والذراعين.