والأكثر صراحة من جميع ذلك ما رواه أوس بن أبي أوس قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) توضأ ومسح بالماء على قدميه، وكان فيهما خفان) (1).
وأما بالنسبة إلى خبر جرير بن عبد الله البجلي فهو أقوى أدلة القوم حجة في المسح على الخفين كما قال الحافظ العسقلاني (2)، وأشهر أخبارهم دليلا على جوازه. أخرجه جميع أهل السنن والمسانيد في تصنيفاتهم، ونقله مفسروهم في تفاسيرهم واستدل به فقهاؤهم في تأليفاتهم، مع الإتيان بقول إبراهيم: (كان يعجبهم هذا الحديث، لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة).
فأقول: إن تعجبهم به كان بلا طائل، وسرورهم به كان بلا موجب، لأن جريرا أسلم قبل نزول المائدة بيقين. فقد قال ابن سعد وابن قتيبة وابن حبان والبلاذري وابن الجوزي ونقله الطبري عن الواقدي: إن جريرا قدم على رسول الله (صلى الله عليه وآله) سنة عشر، في رمضان (3).
قال ابن سعد: (أخبرنا محمد بن عمر الأسلمي قال: حدثني عبد الحميد بن جعفر عن أبيه قال: قدم جرير بن عبد الله البجلي سنة عشر المدينة، ومعه قومه مائة وخمسون رجلا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " يطلع عليكم من هذا الفج من خير ذي يمن، على وجهه مسحة ملك ". فطلع جرير على راحلته ومعه قومه، فأسلموا وبايعوا) (4).