انصبابة واحدة بواسطة الواو عند سيبويه، وعند آخرين يقدر للتابع من جنس الأول. والنصب - أي قراءة النصب - يحتمل العطف على الأول - أي الوجوه - على بعد، ويحتمل العطف على محل: * (برؤوسكم) * كقوله تعالى: * (يا جبال أوبي معه والطير) * بالنصب عطف على المحل، لأنه مفعول به، وكقول الشاعر:
معاوي إننا بشر فأسجح * فلسنا بالجبال ولا الحديدا بالنصب عطف على محل الجبال. فوجب أن يحمل المحتمل على المحكم) (1).
فبعد هذا لا بأس بأن يتذكر القارئ الكريم ما زعمه الشيخ الحنفي من أن قراءة الخفض محتملة وقراءة النصب محكمة في الغسل (2). وبعد ذلك نخاطب الشوكاني الذي كتب في نيله: (وأما الموجبون للمسح وهم الإمامية فلم يأتوا مع مخالفتهم الكتاب والسنة المتواترة قولا وفعلا بحجة نيرة) (3). فنقول له متسائلين:
هل إن الموجبين للمسح خالفوا الكتاب، أم إن الموجبين للغسل خالفوا الكتاب والسنة الثابتة القطعية، وقد رأيت ظهور الكتاب في المسح؟.
ثم نقول: هل الموجبون للمسح لم يأتوا بحجة نيرة، أم قومك الموجبون للغسل لم يأتوا بدليل نير ولا نصف نير لحمل الآية على مذهبهم؟.
ولا يخفى أن تكرار لفظة (أو) في كلام القوم عند توجيهاتهم للآية، ولجوئهم من هذا التأويل إلى ذاك يعرب عن مدى ترددهم وتحيرهم في صرف الآية عن ظاهرها وحملها على رأيهم.
النوع الثاني من أدلة القائلين بالمسح: السنة الثابتة القطعية، وإليك الأخبار الثابتة المروية في مصنفات القوم بأن النبي (صلى الله عليه وآله) وغيره من الصحابة قد مسحوا على أرجلهم، أرجو أن تكون حجة نيرة لسماحة الشوكاني.