المسألة الثانية: في المسح على الخفين أطبقت الشيعة على عدم جواز المسح عليهما، سائرين في ذلك على نهج الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام)، ومستضيئين في ذلك بحجج مروية عنهم، فمنها: ما رواه الكلبي النسابة عن الصاق (عليه السلام) في حديث قال: قلت له: ما تقول في المسح على الخفين فتبسم، ثم قال: " إذا كان يوم القيامة ورد الله كل شئ إلى شيئه، ورد الجلد إلى الغنم فترى أصحاب المسح أين يذهب وضوؤهم " (1).
ومنها: ما وراه أبو الورد قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): إن أبا ظبيان حدثني أنه رأى عليا (عليه السلام) أراق الماء ثم مسح على الخفين، فقال: " كذب أبو ظبيان، أما بلغك قول علي (عليه السلام) فيكم: سبق الكتاب الخفين "؟ فقلت: فهل فيها رخصة؟ فقال: " لا، إلا من عدو تتقيه، أو ثلج تخاف على رجليك " (2).
ومنها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: " جمع عمر بن الخطاب أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) وفيهم علي (عليه السلام) فقال: ما تقولون في المسح على الخفين؟
فقام المغيرة بن شعبة، فقال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يمسح على الخفين. فقال علي (عليه السلام):
قبل المائدة أو بعدها؟ فقال: لا أدري. فقال (عليه السلام): سبق الكتاب الخفين، إنما نزلت المائدة قبل أن يقبض بشهرين أو ثلاثة " (3).
أما فقهاء أهل السنة فقد ذكر لهم ابن رشد ومحيي الدين ابن عربي ثلاثة أقوال، وذكر الدسوقي أربعة أقوال، وحكى النووي عن المحاملي ستة آراء كلها منسوبة إلى مالك بن أنس. فحاصل الأقوال ثمانية.
الأول: وجوب المسح على الخفين إذا كان لابسا لهما. قال الدسوقي: قاله في (التوضيح) (4).