محذوف يتعدى بالباء، أي (وافعلوا بأرجلكم الغسل) (1). وحكى ابن همام عن ابن الحاجب أن العرب إذا اجتمع فعلان متقاربان في المعنى، ولكل متعلق جوزت حذف أحدهما وعطف متعلق المحذوف على متعلق المذكور وكأنه متعلقه كقولهم: علفتها تبنا وماء باردا. والحمل على الجوار ليس بجيد، إذ لم يأت في القرآن ولا في كلام فصيح). انتهى.
ثم أورد ابن همام على كلامه قائلا: (إنما يتم إذا كان إعراب المتعلقين من نوع واحد كما في (علفتها)، و (سقيتها)، وهنا الإعراب مختلف، لأنه معمول (اغسلوا) المحذوف، فحين ترك إلى الجر لم يكن إلا لمجاورة إعراب الرأس. فما هرب منه وقع فيه) (2).
وقال أبو حيان الأندلسي: (أو تؤول على أن الأرجل مجرورة بفعل محذوف يتعدى بالباء، أي (وافعلوا بأرجلكم الغسل)، وحذف الفعل وحرف الجر. وهذا التأويل في غاية الضعف) (3).
أقول: لا يخفى على اللبيب أن الحذف والتقدير خلاف الأصل في الكلام لا يصار إليه إلا مع القرينة، وعند الضرورة، أما ما نحن فيه فالأمر أظهر من الشمس.
التأويل الرابع: ما قاله الصاوي بعد أن اعترض على حملهم الجر على الجوار:
(والأولى أن يقال: إنه مجرور لفظا، ومعنى معطوف على الرأس والمسح مسلط عليه) (4).
وقال الخازن: (قال جماعة من العلماء: إن (الأرجل) معطوفة على (الرؤوس) في الظاهر، والمراد فيها: الغسل، لأنه قد ينسق بالشئ على غيره والحكم فيهما مختلف، مثل (علفتها تبنا وماء باردا) يعني: (وسقيتها ماء باردا). وكذلك المعنى في الآية: (وامسحوا برؤوسكم واغسلوا أرجلكم)، فلما لم يذكر الغسل وعطفت