... فبعد هذا البيان الصافي، يتضح لدى الباحث النابه الحر سر فضيلة كربلاء المقدسة ومبلع انتسابها إلى الله سبحانه وتعالى ومدى حرمتها وحرمة صاحبها دنوا واقترابا من العلي الأعلى، فما ظنك بحرمة تربة هي مثوى قتيل الله وقائد جنده الأكبر المتفاني دونه، هي مثوى حبيبه وابن حبيبه والداعي إليه والدال عليه والناهض له والباذل دون سبيله أهله ونفسه ونفيسه، والواضع دم مهجته في كفه تجاه إعلاء كلمته ونشر توحيده وتحكيم معالمه وتوطيد طريقه وسبيله.
لماذا لا يباهي به الله وكيف لا يتحفظ على دمه لديه، ولا يدع قطرة منه أن تنزل إلى الأرض لما رفعه الحسين بيديه إلى السماء؟ (راجع تاريخ ابن عساكر ج 4 ص 338، والحافظ الكنجي في الكفاية ص 284).
ولماذا لا يبعث الله رسله من الملائكة المقربين إلى نبيه (ص) بتربة كربلاء؟ ولماذا لا يشمها رسول الله (ص) ويقبلها؟ ولماذا لا يذكرها طيلة حياته؟ ولماذا لا يتخذها بلسما في بيته؟
فهلم معي أيها المسلم الصحيح أفليست السجدة على تربة هذا شأنها لدى التقرب إلى الله في أوقات الصلاة أولى وأحرى من غيرها...؟
أليس أجدر بالتقرب إلى الله وأقرب بالزلفى لديه وأنسب بالخضوع والخشوع والعبودية له تعالى أمام حضرته، وضع صفحة الوجه والجباه على تربة في طيها دروس الدفاع عن الله ومظاهر قدسه ومجلى المحاماة عن ناموسه ناموس الإسلام المقدس؟
أليس أليق بأسرار السجود على الأرض السجود على تربة فيها