والمقبرة وقارعة الطريق والحمام ومعاطن الإبل، والأمر بتطهير المساجد وتطييبها وكان هذه النظرة كانت متخذة لدى رجال الورع من فقهاء السلف وأخذا بهذه الحيطة كان التابعي الفقيه الكبير مسروق بن الأجدع يأخذ معه لبنة يسجد عليها كما مر، والذي ربما يقال بأن مسروقا من الصحابة كما في الإصابة.
هذا هو الأصل الأول لدى الشيعة وله سابقة قدم منذ يوم الصحابة الأولين وأما الأصل الثاني، فإن قاعدة الاعتبار المطردة تقتضي التفاضل بين الأراضي بعضها على بعض، إذ بالإضافات والنسب تصير للأراضي والأماكن، البقاع خاصة ومزية.
ألا ترى أن الأماكن والساحات المضافة إلى الحكومات، وبالأخص ما ينسب منها إلى البلاط الملكي، لها شأن خاص؟
فكذلك الأمر بالنسبة إلى الأراضي والأبنية والديار المنسوبة إلى الله تعالى فإن لها شؤونا خاصة وأحكاما ولوازم وروابط لا مناص منها، ولا بد لمن أسلم وجهه لله من أن يراعيها ويراقبها، ولا مندوحة لمن عاش تحت راية التوحيد والاسلام من القيام بواجبها.
فبهذا الاعتبار المتسالم عليه اعتبر للكعبة حكمها، ولحرم حكمه، وللمسجدين الشريفين جامع مكة والمدينة حكمهما، وللمساجد العامة والمعابد في الحرمة والكرامة والتطهير والتنجيس ومنع دخول الجنب والحائض والنفساء عليها والنهي عن بيعها.
فاتخاذ مكة المكرمة حرما آمنا وتوجيه الخلق إليها وحجهم لها وإيجاب كل تلكم النسك فيها، وكذلك عد المدينة المنورة حرما إلهيا محترما.
فالحكومة العالمية العامة القوية إنما هي حكومة (ياء النسبة ")،