له خدع يحار العقل منها * مزخرفة صوائد للفؤاد فوشط في الكتاب عليه حرفا * يناديه بخدعته المنادي (182) لم يكن عمرو وهو يتدرج بالجبر، يؤمن بأن هذا الواقع منسوب، لله فعلا، إنما هو الدهاء، هو الاختباء وراء أستار مهلهلة من الفكر الهزيل. حيث له من يصدقه من رعاع العرب. وما كان لعمرو إلا أن يرحل من فلسطين إلى معاوية، ليرتب معه الصفقة.
وكان علي (ع) محيطا بملابسة الأمور. وعز عليه السخاء بأمة محمد لصالح الطلقاء. وفضل أن يموت وتموت معه الأمة الصالحة، ليبقى معاوية على أمة غير هذه، كيف يقبل أبو الحسن (ع) وهو الذي ما وقف سيفه في المعترك. وبه قام الإسلام. ولقد حرص أولو النظر المحدود، وأصحاب الحلول الوسط على إقناع علي (ع) بإثبات معاوية - في ولاية الشام. غير أنه أبى. فالقضية ليست سياسية حتى تخضع لهذا المفهوم، وما كان أبو الحسن (ع) غافلا عن هكذا مفاهيم صغيرة، وهو من حل كل معضلة طرحت في حضرته. إنها قضية إسلام أو جاهلية جديدة، قضية موت أو حياة بالنسبة له، ولم يكن يهتم، إن كان أبو بكر وعمر وعثمان قد أثبتوا معاوية على الشام. إن عليا (ع) أزيح عن الخلافة بعد عمر، لأنه رفض السير على سيرة الشيخين، وما كان يحتاج إلى سنة الشيخين فيكفيه سنة رسول الله صلى الله عليه وآله لقد أبى إلا أن يحكم شرع الله فيهم، مجردا عن شوائب اللعبة والتوازنات.. ولذلك قال (ع) والله لا أعطيه - معاوية إلا السيف، وقال:
وما ميتة إن متها غير عاجز * بعار إذا غالت النفس غولها وكيف يخاف علي (ع) شوكتهم، وكيف يرده عجرهم وبجرهم، فما أحصى التاريخ عن علي (ع) هذه الهناة.
بعث (ع) إلى معاوية جريرا، يطلب منه البيعة، وكان الأشتر قد اعترض