لا أريد هنا أن أفصل في الخوارج، كنشأة، وتطور، فهذا ليس من وظيفة الكتاب، لأن الخوارج، ليسوا سوى فرقة غبية، طلبت الحق بسذاجة فلم تجده، فرجع منها المخلصون إلى الحق، وبقي الأشقياء يردون موارد الفتن، ولكنني أريد الإشارة إلى المنعطفات. ومن تلك المنعطفات، ما تلي صفين من أحداث، كان الصحابي الجليل عمار قد قتل بصفين، وبذلك قد أرسى ميزانه لتقييم الحدث. وقد فزع من جيش معاوية لما رأوه ميتا، لأنهم سمعوا إن (ابن سمية تقتله الفئة الباغية) غير أن الإعلام الأيديولوجي حرف القضية، واستصغرها في ذهن القوم، فقال عمرو لقد قتله الذين جاؤوا به! وكان كما أشار معاوية، يعتبر أي عمار يمين الإمام علي (ع) فيما الأشتر يسراه.
لم تكن مصر حتى ذلك اليوم قد خلت لمعاوية وما كان هذا الأخير غافلا عنها، فهي سلة جديدة تنضاف إلى إمارته الواسعة، وهي ثمن الانتصار الذي جلبه له عمرو بن العاص.
وحيث إن في مصر من هم على هوى علي (ع) أراد معاوية أن يستخدم دهاءه في استمالتها قبل الاجهاز عليها، كانت مصر قد فسدت على محمد بن أبي بكر، فبعث إلى مصر الأشتر.
وبلغ الخبر إلى معاوية، فخشي على مصر من الأشتر وتشدده. فعقد معاوية صفقة مع المقدم على أهل الخراج بالقلزم وقال له: إن الأشتر قد ولي مصر: فإن كفيتنيه لم آخذ منك خراجا ما بقيت وبقيت. وعندما انتهى الأشتر إلى القلزم وهو في طريقه من العراق إلى مصر، استقبله الرجل، وأتاه بطعام دس فيه سما، فسقاه إياه. فلما شربه مات (194).
وحدث أيضا إن قتل محمد بن أبي بكر، في الدفاع عن مصر من قبل جيش معاوية، بقيادة عمرو بن العاص. الحرب التي تركت وراءها أمواتا كثيرين.
وكان محمد بن أبي بكر قد دخل حربه، واشتد عليه العطش، فلحقوا به، وقتلوه