ما حدث في خلافة الحسن (ع) ذكر المسعودي في إثبات الوصية، إن الإمام عليا (ع) لم يبرح حتى قال:
اخلوني وأهل بيتي أعهد إليهم فقام الناس إلا اليسير، فجمع أهل بيته وهم اثنا عشر ذكرا وبقي قوم من شيعته، حتى قال: وأوصي إلى ابني الحسن (200).
وبذلك تسلم الإمام الحسن (ع) مسؤولية الخلافة، في شوطها الأخطر. لقد كان عليه أن يضطلع بأمر، كان سببا في قتل أبيه. وأي إنسان يتصور ذلك.
فهذا ابن الأنبياء وورعه يحول دونه وتلذذ الملك. كيف يلهث وراء خلافة أبيه والخطب خطر، والمصاب جلل. لقد انشغل بدفن جده وهو صغير، ورأى أن القوم قد تسابقوا إلى السقيفة (يتناهشون) الخلافة. وشهد المؤامرة منذ نشأتها، ورأى بيت أمه يهدد بالحرق، واستضعفوا حتى كادت الجبال تندك لهول المأساة، ورأى أمه وهي تموت بالآلام التي تركتها التحرشات، وهي تبكي أباها، وتتلقى التهديد من ابن الخطاب، وتحرم إرث أبيها، وتندك أضلاعها من خلف الباب، يوم اقتحموا عليها البيت، وهي حبلى بمحسن. لقد شاهد كل هذا.
شاهد أباه، وهو يعاني الأمرين من عصيان أصحابه. ورأى كل ذلك، فقبل رغم اليأس، بخلافة أبيه لأنها المسؤولية، فالإسلام يواجه خطر (الأموية) وهي