ملحمة كربلاء إنني أتجنب أن أكون أديبا في قضايا التاريخ، إلا في هذا الموقف، إنها الجدبة التي لا أتمالك فيها أحاسيسي مهما كان الأمر، لأن الحدث بلغ من الدراماتيكية ما يفقد الإنسان تقنياته المعرفية.
إنه أمام الأمة، وإنه جدي، وإنه الإنسان. كل هذا لا يسمح لي أن أقوم بمجرد سرد وإحصاءات و (فبركات) في مثل هذا المشهد. فلا يلومنني القارئ إذا أخذت بي هذه الجدبة التي لا أملك فيها نفسي أمام مذبحة أبي عبد الله الحسين (ع).
لكم التاريخ، ولكم الوثائق، ولكم كل شئ، ولي أن أبكي، وأحزن و (أشقشق) فمن هنا دخلت حرم آل البيت (ع) وفيه ولدت من جديد.
ما زلت أذكر اليوم الذي عشت فيه مأساة كربلاء بتفاصيلها، حيث ما تزال ظلالها الحزينة ترافق ظلي إلى اليوم. وتفاصيلها لا يتسع لها هذا الكتاب، فهي تطلب في غيره، والآثار النفسية التي تركتها في أعماقي، وما زلت أجرعها كالسموم، ولا أملك أن أنقلها كما أحسها وأستشعرها في كياني، لقد وجدت نفسي فجأة في هيئة أخرى، وفي شرياني جرى دم، هو مثل تلك الدماء التي أريقت على رمال الطفوف، ولا عجب من ذلك، فأنا الحسيني وجدي هو الحسين (ع) وأن العرق دساس، ومنذ ذلك اليوم، كان كل يوم عندي