ولذلك كان مؤهلا للانحراف في هذه المكيدة.
وانتشرت الغوغاء في جيش الإمام (ع) بما يشبه حالة انشطار، فما كان له (ع) إلا أن يصبر، فلا رأي له، إذ (لا رأي لمن لا يطاع).
وكان لا بد للفريقين أن ينتدبوا ممثلين عنهم، ليديروا عملية التحكيم، كان عمرو بن العاص، هو الرجل المنتدب في جيش معاوية، وكان المختار في جيش علي (ع) هو عبد الله بن عباس، فرفضوه لقرابته منه وانحيازه إليه، واختاروا مكانه أبا موسى الأشعري. ورفض الإمام (ع) هذا الاختيار. فأبو موسى كان قد خذل الناس عن علي (ع) بالكوفة، وهو يدرك أنه لا يوازن دهاء عمرو بن العاص. هل إن ابن عباس منحاز إلى علي (ع)، وكيف يقبل العقل ذلك!؟.
وعمرو بن العاص هو الرجل الثاني في جيش معاوية، هذه أكبر نكسة وقعت في جيش الإمام علي (ع) من قبل أناس بسطاء سذج لا يفقهون في الدين، إنهم (متورعون) لذلك طلبوا من الإمام علي (ع) أن يعزل ابن عباس، وبهذا التورع الزائد وبهذه (الأخلاقوية) البائسة، خسروا التحكيم، وخسروا الحق الذي من أجله جاءوا إلى صفين، وانتهوا خوارج مارقين!.
ثم انبرى للتحكيم، كل من عمرو بن العاص، وأبو موسى الأشعري بعد أن تمردت طائفة من القشريين في جيش علي (ع) منهم مسعر بن فدكي وزيد بن حصن والسنبسي ومجموعة أخرى، مطالبين عليا (ع) بالخضوع للتحكيم وطلب الأشتر بالتوقف، وما كان من الإمام علي (ع) إلا أن يقول:
فاصنعوا ما بدا لكم.
فراحوا يكتبون: (هذا ما تقاضى عليه أمير المؤمنين) فقال عمرو:
(اكتبوا اسمه واسم أبيه، هو أميركم، فأما أميرنا، فلا.
كان الأحنف قد رفض أن يمحوا اسم أمارة أمير المؤمنين، وقد تمثل نفس الدور الذي قام به علي (ع) وهو يكتب وثيقة صلح الحديبية، وكأن التاريخ يعيد