لقد شيعني الحسين (ع) - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ٢٤٦
يشاركه في تلك المواقف. يريد عمالا على قلبه، في التنمر والشدة. لقد أدرك من أمر قيس ما أدرك، وعرف إنه كان يداري مكاره كثار ومكايد عظام. غير أن عليا (ع) لم يكن في حاجة إلى مدارات، والظرف ظرف مواجهة وتحدي، وهو يحتاج إلى من يجند جماهير الأمصار، ويهيئهم للمواجهة، لا من يسلس للمكايد، ويداري على الحق. لذلك اضطر علي (ع) أن يعزله ويضع مكانه رجلا على نهجه في الكفاح.
ولم يقف معاوية عند هذا الحد، بل استمر في الكتابة إلى أهل الأمصار الأخرى، وحتى إلى المدينة ومكة نفسها.
كان يريد معاوية أن ينبه المغفلين ويشكك البسطاء ويحرضهم على الميل إليه في مطلبه للانتقام من قتلة عثمان. غير أن أهلها ردوا عليه على لسان واحدهم: (179) أما بعد، فإنك أخطأت خطأ عظيما، وأخذت مواضع النصرة، وتناولتها من مكان بعيد، وما أنت والخلافة يا معاوية، وأنت طليق، وأبوك من الأحزاب، فكف عنا، فليس لك قبلنا ولي ولا نصير.
وكاتب معاوية عليا (ع) وتبادلا الخطاب، غير أن معاوية كان أكثر تشبثا، برأي مستحيل.
احتاج معاوية إلى عقل يضاربه في الدهاء. فكتب إلى عمرو بن العاص، يستميله إليه، ويطلب منه المشاركة في القتال ضد علي (ع).
ولم يكن عمرو بن العاص يعاني أزمة في الدهاء، حتى تتمكن من مكيدة معاوية. فهذا الذي لا ناقة له ولا جمل إلا في الدنيا، ما لها وبنينها، لم يكن ليستجيب مجانا لطلب معاوية. ولم يكن عمرو بن العاص يعاني جهلا في معرفة مجريات الأمور، وما يريده الدين وما لا يريده، حتى ينقاد ساذجا إلى معاوية، يقاتل إلى جنبه يتوخى نصرة حق مزيف.

(179) - ذكر ابن الأثير إنه هو: المسور بن مخزمة، في حين ذكر ابن أبي الحديد في الشرح إنه هو عبد الله بن عمر.
(٢٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 243 244 245 246 247 248 249 250 251 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 7
2 الاهداء 11
3 المقدمة 13
4 لماذا الرجوع إلى التاريخ؟ 19
5 لماذا الحديث عن الشيعة والسنة 23
6 مدخل 29
7 ثم ماذا 33
8 الفصل الأول: كيف كان تصوري للتاريخ الاسلامي؟ 39
9 الخلافة الراشدة 43
10 الفصل الثاني: مرحلة التحول والانتقال 55
11 الفصل الثالث: وسقطت ورقة التوت! 69
12 كلمة البدء 71
13 الزرادشتية الإيرانية والتشيع 87
14 وأثرت السؤال 93
15 الفصل الرابع: من بؤس التاريخ إلى تاريخ البؤس! 99
16 رحلة جديدة مع التاريخ 101
17 سيرة الرسول: المنطلق والمسيرة! 103
18 السقيفة 125
19 الوفاة وملابساتها 127
20 عصر ما بعد السقيفة 149
21 عمر بن الخطاب مع الرعية 161
22 الخلافة وبعد وفاة عمر 181
23 عثمان أو الفتنة الكبرى 191
24 مقتل عثمان.. الأسباب والملابسات 213
25 بيعة الإمام علي (ع) 225
26 صفين: مأزق المآزق! 243
27 ما حدث به خلافة الحسن (ع) 267
28 الامام الحسن والواقع الصعب 273
29 قتل الحسن.. المؤامرة الكبرى 287
30 واشر أب الملك بنفسه 291
31 وملك يزيد 295
32 ملحمة كربلاء 297
33 لقد شيعني الحسين 313
34 الفصل الخامس: مفاهيم كشف عنها الغطاء 323
35 مفهوم الصحابي 325
36 نماذج وباقات 329
37 أبو بكر 331
38 عائشة بنت أبي بكر 337
39 ايديولوجيا المنطق السلفي 349
40 ليس كل الصحابة عدول 353
41 بعض الصحابة سيرتد، بالنص 355
42 مفهوم الإمامة 359
43 الفصل السادس: في عقائد الإمامية 381
44 البداء 399
45 وأخيرا 405