ومثل ذلك أعطى معاوية من بيت المال أربع مئة ألف درهم على أن يخطب سمرة بن جندب في أهل الشام بأن قوله تعالى (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه. وهو ألد الخصام. وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد) إنها نزلت في علي بن أبي طالب (ع)، بعد ذلك قال سمرة: لعن الله معاوية والله لو أطعت الله كما أطعت معاوية ما عذبني أبدا (184).
2 - تهيئة النفوس للقبول بالأمر الواقع، من خلال نشر الفكر الجبري، الذي يؤمن بالوقائع على أساس إنها قدر مقدورا. وهو ما سبق أن قاله عمرو بن العاص جبرا قد انحاز إلى معاوية، وما أكثر النفوس التي آمنت بفكرة الجبر، وخاضت حربا باطلة بوعي جبري. فقد روى عن الأسود، قلت لعائشة: ألا تعجبين لرجل من الطلقاء ينازع أصحاب محمد الخلافة؟ قالت: وما يعجب! هو سلطان الله يؤتيه البر والفاجر! قد ملك فرعون مصر) (185).
وكذلك سار معاوية في أنصاره يعطي عمرا مصر، ويضخ الذهب والضياع في جيد المغيرة، وسمرة، وأبي هريرة وما شابه.
هيأ معاوية نفسه ومن معه للطوارئ، فهذا علي (ع) لا ينثني ولم ينثن يوما في طلب الحق، وهذا معاوية لا يرى البيعة لعلي (ع) في صالح بني أمية، لأن في علي (ع) (لوثة) محمد صلى الله عليه وآله هذه التي طالما تطير منها ابن العاص، وبنو أمية وأشباههم، كان حتما وضروريا أن تشتعل المعركة، وقد أخبر الإمام علي (ع) إن معاوية لا يريد البيعة، ويستنفر الناس للخروج، فسار إليه الإمام علي (ع) في جيش من المسلمين فيهم سبعون رجلا من البدريين، وسبعة مئة رجل بايعوا تحت شجرة الرضوان، وأربع مئة من بين سائر المهاجرين والأنصار (186) في حين لم