على ذلك، ورأى أن هوى الرجل من هواهم، غير أن عليا (ع) لم يكن يحتاج إلى من يقنعهم أكثر، فهو يدرك ببصير الإسلام. إن هؤلاء يدركون الحق والضلال معا، غير أنهم اختاروا الضلال. ولا بد فقط من إثبات الحجة، للخروج إليهم، وقطع دابرهم إلى الأبد.
كان علي (ع) يملك ورقة (الحق) بينما غطى معاوية وعمرو باطلهما بدهائهما، فعزفا على وترين:
1 - الرشاوي المالية.
2 - التضليل الإعلامي.
كانت الرشوة للذين تاجروا في هذه الحرب متجاوزين إيمانهم بالحق الذي مع علي (ع) حيث قال رسول الله صلى الله عليه وآله (علي مع الحق والحق مع علي يدور معه أينما دار) هؤلاء باعوا دينهم لمعاوية فلا بد لهم من مقابل. ومثال على ذلك عمرو بن العاص، وأبو هريرة ومن لف لفهم من الخونة المندسين.
والتضليل لأولئك القشريين، الذين اكتفوا بمعرفة سطوح الدين، ولبسوا الإسلام، لبس الفرو مقلوبا، فتضليلهم يمر بطريقين:
1 - تحريف الحقائق وتزييف الواقع في أذهانهم، والضرب على وتر عواطفهم وأحاسيسهم البسيطة. وذلك كأن يرفع معاوية وعمرو بين الفينة والأخرى قميص عثمان، ويستثيروا الروح العشائرية والانتقامية من جهة، ثم تصوير علي (ع) وجنوده كالمجرمين مثل ما فعل عمرو حين خطب في جمهور الشامين:
(إن أهل العراق قد فرقوا جمعهم، وأوهنوا شوكتهم وقطعوا حدهم. ثم إن أهل البصرة مخالفون لعلي وقد قتلهم، ووترهم، وتفانت صناديدهم يوم الجمل، وإنما سار علي في شرذمة قليلة، منهم من قتل خليفتكم، فالله في حقكم أن تضيعوه، وفي مدمكم أن تبطلوه) (183).