يشمل جيش معاوية سوى رعاع العرب وأعرابها والطلقاء (187).
وكان بود أتباع معاوية أن تردهم الحرب، وهم يرون الصحابة قد اجتمعوا جميعا في جيش علي (ع) لكن لا حياة لمن تنادي، والقوم كلهم من رعاع الشام، لا يعرفون عليا ولا عمارا، بل لا يعرفون الناقة من الجمل.
بينما نخبة الجيش الأموي المدركون للحقيقة، قد تمكنت الدنيا من أنفسهم، فتجردوا لها.
وانتهت المناوشات، لكي يقف الفريقان بصفين، حيث يجهز جيش علي (ع) على أهل الشام، اجهازا فرق فيه شملهم، واذهب به ريحهم، وكان من المفروض أن ينتهي أمرهم، غير أن الدهاة لا ينتهون، فقد اقترح عمرو على معاوية رفع المصاحف، كخدعة، كان معاوية قد دعا بفرسه لينجو عليه، وكيف لا يهرب وهو أدرى ببلاء علي (ع) وبأسه، وما دخل هؤلاء الطلقاء سوى خوف ورهبة من هذا الحسام المهند، الذي أرغم أنوف العرب، لتدخل راكعة، منقادة - في الإسلام - لقد نادى علي (ع) معاوية: (يا معاوية، لم تقتتل الناس بيننا؟ هلم أحاكمك إلى الله، فأينا قتل صاحبه استقامت له الأمور).
فقال عمرو: (ما يجمل بك إلا مبارزته).
قال معاوية:
(طمعت فيها بعدي) (188).
وهذا لا يشك فيه أحد، فلقد وتر علي (ع) العرب حين قتل أجدادها، ولكنهم لم يروا في قتل علي (ع) إياهم عيبا ونقيصة، حيث لا تزال النفوس تتردد في أصدائها (لا فتى إلا علي، ولا سيف إلا ذو الفقار) وليس عيبا عند داهية عربي كعمرو بن العاص، أن يكشف أمام علي (ع) عورته، لينجو من ضربة حسام