عمرو لم يتم له أمر فقال لعمرو: اتبعني، قال: ولماذا الآخرة فوالله ما معك آخرة، أم الدنيا فوالله لا كان حتى أكون شريكك فيها قال: أنت شريكي فيها قال: فاكتب لي مصر وكورها فكتب له وكورها.
وكان عمرو يقول:
معاوية لا أعطيك ديني ولم أنل وما الدين والدنيا سواء وإنني * لآخذ ما تعطي ورأسي مقنع فإن تعطني مصرا فأربح صفقة * أخدت بها شيخا يضر وينفع كانت الفئة النفعية في هذا المجتمع، قد ركبت متن الصراع، وتاجرت فيه، فكانوا تجار حرب، ولكنها حرب عادلة، بين حق يقف على الإيمان، وباطل له سند في هوى الطلقاء.
وأعمت الدنيا قلوبهم، فهم في غمراتها مستنكفون عن الاستجابة لداعي الحق. وافتقدوا كل مبرراتهم. وعجبا إذ يحاربون الإمام، وهم يعرفون أنه على حق، وأن معاوية رجل دنيا وطمع.
لكنهم كانوا يمسكون بورقة (الجبر). فهم مسيرون لا مخيرون. مسيرون في كل شئ حتى في طلب الإمارة. قال أريب يوما لعمرو - وهو عمه من بني سهم:
ألا تخبرني يا عمرو، بأي رأي تعيش في قريش! أعطيت دينك وتمنيت دنيا غيرك!
أترى أهل مصر وهم قتلة عثمان - يدفعونها إلى معاوية، وعلي حي! وأتراها إن صارت لمعاوية لا يأخذها بالحرف الذي قدمه في الكتاب؟ فقال عمرو:
يا ابن أخي، إن الأمر لله دون علي ومعاوية، فقال الفتى:
ألا يا هند أخت ابن زياد * رمي عمرو بداهية البلاد رمي عمرو بأعور عبسمي * بعيد القعر مخشى الكياد