برأيك (176).
حاول معاوية التقرب من قيس، واستدراجه إلى صفه. غير أن قيس اعتصم، ورفض اللعبة، وفوت الفرصة عليه. وكان قيس قد رد عليه في كتاب، لم يفصح فيه عن نيته في عملية تبادل الخطاب جرى بينما حسب ما فصل فيه ابن الأثير وأمثاله. وكان معاوية - يريد موقفا صريحا من قيس، فهو من هو في الدهاء حتى يخضع للمخادع، وهو من هو في النفوذ حتى يستسلم للخدعة، وقد قال له: وليس مثلي يصانع المخادع وينخدع للمكايد ومعه عدد الرجال وبيده أعنة الخيل (177). غير أن قيسا لم يجد مندوحة في الرد عليه، فأعرب عن مواقفه، وأبا على معاوية مكيدته.
ومعاوية لم يكن رجل دين، حتى يقاتل بلا خدعة. فهو من أخس الطلقاء، ودينه الدهاء، وكانت له حيل سياسية، فلذلك لجأ إلى زرع البلبلة في صفوف الإمام علي (ع) ويصطنع أدوارا مسرحية لتضليل الرأي العام، سواء في الشام أم في المدينة. ومن ذلك أنه على الرغم مما ظهر له من قيس، كان حريصا على كتمان ذلك، وادعى أنه يتواصل معه في الظل، وأن قيسا ممن تاب، وأنكر قتل عثمان، وأحيانا كان يفتعل كتابا وهميا، يدعي أنه إليه من قيس، يذكر فيه فيأه إليه أو يظهر رسولا مفتعلا، يزعم أنه من قيس. للرفع من معنويات أهل الشام. وكان لأمير المؤمنين (ع) كشأن كل قائد مسؤول، جواسيسه وعيونه في البلدان. ونقلوا له الخبر عما يجري هنا وهناك. فسمع أصحاب علي (ع) الخبر، فاقترحوا على الإمام (ع) أن يعزله، ويولي مكانه محمد بن أبي بكر، وكان هذا الأخير من شيعة علي (ع) ورجالاته الاستراتيجيين. فعزل قيسا وثبت مكانه محمد بن أبي بكر (178).
كانت خطة علي (ع) أن لا يهادن بني أمية وجنودهم. وهو يحتاج إلى من