لقد شيعني الحسين (ع) - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ٢٥٩
للبصيرة، ذلك أنه طرح عزل علي (ع) وهو يرى في عزل (الحق) حقا، وليس ذلك إلا تنازلا للباطل. ولذلك اقترح ابن عمر، ولم يكن هذا الأخير، بمن يستحق طرحه في سياق الاستخلاف، غير أن السذاجة غلبت على مواقف الناس، وما رأيت رجلا خذل الحق في الإسلام، مثل ابن عمر، الذي كان يدرك كل شئ، ولا يتكلم، ويخشى أن يقول الحق، خوفا من الفتنة، والفتنة ليست سوى تغييب الحق والسكوت عنه.
يذكر ابن الأثير، إن معاوية حصر الحكمين وإنه قام عشية في الناس فقال:
أما بعد من كان متكلما في هذا الأمر فليطلع لنا قرنه، قال ابن عمر: فاطلعت جبوتي فأردت أن أقول يتكلم فيه رجال قاتلوك وأباك على الإسلام، فخشيت أن أقول كلمة تفرق الجماعة ويسفك فيها دم، وكان ما وعد الله فيه الجنان أحب إلي من ذلك، فلما انصرفت إلى المنزل جاءني حبيب بن مسلم فقال: ما منعك أن تتكلم حين سمعت هذا الرجل يتكلم؟ قلت: أردت ذلك ثم خشيت، فقال حبيب: وفقت وعصمت، وهذا أصح.
ترك هؤلاء للباطل فرصة للظهور، ولم يقفوا مع الحق، وهو في حاجة إلى من يسنده. وقف الإمام علي (ع) وحيدا، ليس معه سوى عصبة من المؤمنين الذين لا تهزهم الأطماع، ولا الحطام، الفئة التي نذرت حياتها للحق دون سواه، والباقون كانوا إما قاسطين أو مارقين أو ناكثين.
خرجت من جيش علي (ع) يومذاك فرقة من الخوارج زعموا أن الحكم لله، شعارا ساذجا، يخفي داخله الضباب والأمية الإسلامية، ولذلك كبر الإمام علي (ع) قائلا: الله أكبر، كلمة حق يراد بها باطل).
لم يشأ (ع) أن يقتلهم يوم النهروان إلا بعد أن اضطروه إلى ذلك، ولطالما حاورهم، ورفع الراية البيضاء يستتيبهم، خرج بعضهم وبقي شرارهم معتصمين لجهلهم، فحاربهم وبقيت بعد ذلك حفنة من الخوارج، تائهة في فلوات الجزيرة، تبشر بجهلها، وتبيت لعلي (ع) وانتشرت في البلدان، وانتشر معها الغباء.
(٢٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 7
2 الاهداء 11
3 المقدمة 13
4 لماذا الرجوع إلى التاريخ؟ 19
5 لماذا الحديث عن الشيعة والسنة 23
6 مدخل 29
7 ثم ماذا 33
8 الفصل الأول: كيف كان تصوري للتاريخ الاسلامي؟ 39
9 الخلافة الراشدة 43
10 الفصل الثاني: مرحلة التحول والانتقال 55
11 الفصل الثالث: وسقطت ورقة التوت! 69
12 كلمة البدء 71
13 الزرادشتية الإيرانية والتشيع 87
14 وأثرت السؤال 93
15 الفصل الرابع: من بؤس التاريخ إلى تاريخ البؤس! 99
16 رحلة جديدة مع التاريخ 101
17 سيرة الرسول: المنطلق والمسيرة! 103
18 السقيفة 125
19 الوفاة وملابساتها 127
20 عصر ما بعد السقيفة 149
21 عمر بن الخطاب مع الرعية 161
22 الخلافة وبعد وفاة عمر 181
23 عثمان أو الفتنة الكبرى 191
24 مقتل عثمان.. الأسباب والملابسات 213
25 بيعة الإمام علي (ع) 225
26 صفين: مأزق المآزق! 243
27 ما حدث به خلافة الحسن (ع) 267
28 الامام الحسن والواقع الصعب 273
29 قتل الحسن.. المؤامرة الكبرى 287
30 واشر أب الملك بنفسه 291
31 وملك يزيد 295
32 ملحمة كربلاء 297
33 لقد شيعني الحسين 313
34 الفصل الخامس: مفاهيم كشف عنها الغطاء 323
35 مفهوم الصحابي 325
36 نماذج وباقات 329
37 أبو بكر 331
38 عائشة بنت أبي بكر 337
39 ايديولوجيا المنطق السلفي 349
40 ليس كل الصحابة عدول 353
41 بعض الصحابة سيرتد، بالنص 355
42 مفهوم الإمامة 359
43 الفصل السادس: في عقائد الإمامية 381
44 البداء 399
45 وأخيرا 405