(يا معشر المسلمين هذا جلباب رسول الله لن يبل وقد أبلى عثمان سنته، فقال عثمان، رب اصرف عني كيدهن أن كيدهن عظيم) (164).
وعندما سمعت بخبر مقتله، قالت: بعدا لنعثل وسحقا (165). ومن الجانب الآخر كان طلحة والزبير يتحينان الفرصة لمغادرة المدينة. فهما يهدفان إلى أكثر من إسقاط عثمان. يريدان الخلافة أو أقل أن يفضلهما علي (ع) على باقي المسلمين في العطايا. غير أنهما لم يفلحا في استدراج علي (ع) للمساومة، فقال طلحة، معربا عن حالة الفشل هذه: (ما لنا من هذا الأمر إلا كلحسة الكلب أنفه) (166).
وخرج بعد ذلك كل من طلحة والزبير، يبغيان الافلات من يد علي (ع)، ليلتحقا بعائشة. وما أن التحقا بها حتى أقنعاها بالخروج معهما لقتال علي (ع) والتحق بهم كل من الأمويين وولاة عثمان الذين عزلهم الإمام علي (ع). لم تكن عائشة تظن أن الأمر بعد عثمان سيؤول إلى علي (ع). كانت تتصور أن جذوة الهاشميين قد انطفأت، منذ أن أخذ منهم حقهم، أبوها وفاروقه. ورغم ما قامت به من تحريض على عثمان. فهي ترى أن الأمر سيؤول لا محالة لابن عمها طلحة.
وعندما لم يتوفق في ذلك، غيرت عائشة وجهة نظرها، وتبنت خطا نقيضا، وهو المطالبة بدم عثمان. فعندما بلغها خبر المقتل، وكانت بمكة، قالت: أبعده الله، ذلك بما قدمت يداه وما الله بظلام للعبيد، وكانت تقول: أبعده الله، قتله ذنبه، وأقاده الله بعمله، يا معشر قريش لا يسومنكم قتل عثمان كما سام أحمر ثمود قومه، إن أحق الناس بهذا الأمر ذو الإصبع - تقصد طلحة - ثم أقبلت مسرعة إلى المدينة وهي لا تشك في أن طلحة هو صاحب الأمر، وكانت تقول:
بعدا لنعثل وسحقا، إيه ذا الإصبع، إيه أبا شبل، إيه ابن عم، لله أبوك أما إنهم وجدوا طلحة لها كفؤا، لكأني أنظر إلى إصبعه وهو يبايع، حثوا الإبل