مروان بن الحكم.
كان الزبير رجلا مفتونا، سرعان ما ولى، لولا أن ابنه عبد الله قد ورد عليه، وفي ذلك يقول أمير المؤمنين: لا زال الزبير منا حتى ورد ابنه عبد الله، هذا الأخير كان فتانا. لقد غرت الدنيا الزبير وانتصرت عليه، فركب الفتنة وهو لما يفقد كل إيمانه. وذلك ما دفع الإمام إلى البكاء عليه حسرة. أما عائشة، فإنها لم تذكر شيئا من الذكر الحكيم، لترجع عن هذه الغوغاء. ولم يرجعها إلا (الهزيمة) يوم انتصر جيش علي (ع) وقتل جملها، وسقطت من الهودج.
تصدى محمد بن أبي بكر أخو عائشة، هو وعمار فاحتملا الهودج فنحياه.
وأدخل محمد يده فيه، فقالت: من هذا؟ فقال: أخوك البر، قالت: عقق!
قال: يا أخية هل أصابك شئ؟ قالت: وما أنت وذاك؟ قال: فمن إذا الضلال؟
قالت: بل الهداة. وقال لها عمار:
كيف رأيتي ضرب بنيك اليوم يا أماه؟ قالت: لست لك بأم. فأبرزوا هودجها فوضعوها ليس قربها أحد (172). ثم كان إن اختار الإمام علي (ع) - أربعين امرأة من نساء البصرة ليخرجن معها، بزي الرجال (173).
مات طلحة ابن عمها، وأخوها محمد هو من أخلص شيعة علي (ع)، وأنصارها الآخرون كلهم قد مات، وما تبقى كان من العثمانية، وهم إلى معاوية أميل. فبقيت عائشة معزولة، وودت لو تتاح لها الفرصة للخروج عليه. وعندما قتل امتلأت أساريرها بابتسامة، تخفي سنوات من الحقد والضغينة (174).
وعلى كل حال، فإن معركة الجمل لم تكن سوى حدث في الطريق، ولا يزال الدهر يتحف أبا الحسن بصنوف الشدائد والنوائب.