منه وبيته في قريش كما قد علمت؟ فإن خفت أن يقول الناس: ليست له سابقة، فقل وجدته ولي عثمان الخليفة المظلوم والطالب بدمه الحسن السياسة والتدبير وهو أخو أم حبيبة زوج رسول الله صلى الله عليه وآله وكاتبه وقد صحبه وعوض له بسلطان.
فقال أبو موسى: يا عمرو اتق الله! فأما ما ذكرت من شرف معاوية فإن هذا ليس على الشرف تولاه أهله، ولو كان على الشرف لكان لآل أبرهة ابن الصباح، إنما هو لأهل الدين والفضل، مع أني لو كنت معطيه أفضل قريش شرفا أعطيته علي بن أبي طالب. وأما قولك: إن معاوية ولي دم عثمان فوله هذا الأمر، فلم أكن لأوليه وأدع المهاجرين الأولين، وأما تعويضك لي بالسلطان، فوالله لو خرج معاوية لي من سلطانه كله لما وليته، وما كنت لأرتشي في حكم الله!.
قال عمرو: فما يمنعك من ابني وأنت تعلم فضله وصلاحه؟ فقال:
إن ابنك رجل صدق ولكنك قد غمسته في هذه الفتنة. فقال عمرو: إن هذا الأمر لا يصلح إلا لرجل يأكل ويطعم، وكانت في ابن عمر غفلة، فقال له ابن الزبير: افطن فانتبه! فقال: والله لا أرشوا عليها شيئا أبدا. وقال: يا ابن العاص، إن العرب قد أسندت إليك أمرها بعدما تقارعوا بالسيوف فلا تردنهم في فتنة.
ويذكر المؤرخون، أن عمرا قد عود تقديم أبي موسى في الكلام، بقوله:
أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وأسن مني فتكلم، وتعود ذلك أبو موسى.
وكان أبو موسى يريد أيضا خلع الاثنين، وإثبات ابن عمر، فأبى عليه ذلك عمرو. وقال له:
خبرني ما رأيك؟ قال: أرى أن نخلع هذين الرجلين ونجعل الأمر شورى فيختار المسلمون لأنفسهم من أحبوا. وقال عمرو: الرأي ما رأيت. وقال له:
يا أبا موسى أعلمهم أن رأينا قد اتفق.
فقال أبو موسى: إن رأينا قد اتفق على أمر نرجو أن يصلح الله به أمر هذه الأمة.