ورجع كل من محمد بن أبي بكر وابن جعفر بعد أن لم يوفقا في إقناع القوم، فبعث لهم الإمام علي (ع) أشخاصا كثيرين، كالأشتر وأبي موسى، ثم الحسن وعمار. وبعد ما وقع من مشادات كلامية. كان لا بد للمعركة أن تشتعل.
وكان الإمام علي (ع) قد ذكر الزبير بالله، فحاول الرجوع لولا أن اعترضه ابنه. وخرج طلحة وخرج إليهما علي حتى اختلفت أعناق دوابهم، فقال علي:
لعمري لقد أعددتما سلاحا وخيلا ورجالا إن كنتما أعددتما عند الله عذرا فاتقيا الله ولا تكونا (كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا) ألم أكن أخاكما في دينكما تحرمان دمي وأحرم دمكما، فهل من حدث أحل لكما دمي؟.
قال طلحة: البت على عثمان. قال علي: (يومئذ يوفيكم الله دينهم الحق).
يا طلحة، تطلب بدم عثمان فلعن الله قتلة عثمان! يا طلحة، أجئت بعرس رسول الله صلى الله عليه وآله تقاتل بها وخبأت عرسك في البيت! أما بايعتني؟ قال:
بايعتك والسيف على عنقي، فقال علي للزبير: يا زبير ما أخرجك؟ قال: أنت، ولا أراك لهذا الأمر أهلا ولا أولى به منا (171) ثم قال له: تذكر يوم مررت مع الرسول الله صلى الله عليه وآله في بني غنم فنظر إلي فضحك وضحكت إليه فقلت له لا يدع ابن أبي طالب زهوه، فقال لك رسول الله صلى الله عليه وآله ليس به زهو، لتقاتلنه وأنت له ظالم.
قال: اللهم نعم، ولو ذكرت ما سرت مسيري هذا، والله لا أقاتلك أبدا، وكان ابنه عبد الله قد اعترضه وقال له: لكنك خشيت رايات ابن أبي طالب وعلمت أنها تحملها فتية أنجاد وأن تحتها الموت الأحمر فجبنت. وقال: إني حلفت أن لا أقاتله، قال: كفر عن يمينك وقاتله. فأعتق غلامه مكحولا وقيل سرجس، وذكروا أن الزبير عاد عن القتال لما سمع إن عمار بن ياسر في جيش علي (ع) فخاف أن يقتل عمار. وكانا قد تشابكا ولم يقتتلا، فاعتزل الزبير القتال إلى عسكر الأحنف بن قيس، فلحقه عمرو بن جرموز وقتله.
أما طلحة فقد قتله واحد من الأمويين الذين جاؤوا في جيش عائشة، وهو