فقال: (لك البشرى، فماذا؟.
فأخبره الخبر. فصار عبد الرحمن إلى عثمان، فأخبره بما قال حمران، فقلق عثمان، وخاف أن يشيع، فنفاه لذلك.
ربما غير وعده ولذلك لا بد لعبد الرحمن بن عوف أن ينتقم، ولكن تحت غطاء آخر. يذكر التاريخ أن عبد الرحمن انقلب بعد ذلك على عثمان لما رآه أخلف الوعد وانحاز إلى عشيرته.
وليس هذا الوعد ب (سيرة الشيخين) فعبد الرحمن منذ البداية يعرف أن تقريب عثمان لعشيرته أمر وارد وحقيقي. وعمر بن الخطاب نفسه قال ذلك أمامهم، يروى عن ابن عباس أنه قال: (فقلت عثمان بن عفان؟ قال (يعني عمر): إن ولي حمل ابن أبي معيط وبني أمية على رقاب الناس وأعطاهم مال الله، ولن ولي ليفعلن والله، ولئن فعل لتسيرن العرب إليه حتى تقتله في بيته ثم سكت) (121).
وحتى نستطيع فهم طبيعة الخلاف بين عثمان وعبد الرحمن بن عوف، لا بد أن نفرض سؤالا: كيف تتحول المودة بين عشية وضحاها إلى عداوة قاتمة؟! لعل السبب هو هذا العهد. لقد روي أن عثمان اعتل علة اشتدت به فدعا حمران بن أبان، وكتب عهدا لمن بعده، وترك موضع الاسم، ثم كتب بيده: عبد الرحمن بن عوف، وربطه وبعث به إلى أم حبيبة بنت أبي سفيان، فقرأه حمران في الطريق فأتى عبد الرحمن فأخبره، فقال عبد الرحمن، وغضب غضبا شديدا: استعمله علانية، ويستعملني سرا. ونما الخبر وانتشر بذلك في المدينة. وغضب بنو أمية، فدعا عثمان بحمران مولاه. فضربه مائة سوط، وسيره إلى البصرة.
فكان سبب العداوة بينه وبين عبد الرحمن بن عوف) (122).
نعم، لقد استعمله علانية، وبذلك استطاع أن يثبته في الخلافة غير أن عثمان