ويذكر ابن أبي الحديد، إنه قد أتاه - أي عثمان أبو موسى من العراق بأموال جليلة، فقسمها كلها في بني أمية، وأنكح الحارث بن الحكم ابنته عائشة فأعطاه مائة ألف من بيت المال أيضا بعد صرفه زيد ابن أرقم عن خزنه).
وكذلك سار عثمان في رعيته. يوسع لأقربائه في العطايا، والإمارات، ولا أدل من ذلك، معاوية بن أبي سفيان، الذي منحه كامل الصلاحية في إدارة الشام، فكان أطول الأمراء إمارة. وحيث كثر الغنى الفاحش، وتسابق الغزاة على الأمصار، لكسب المزيد من الغنى واضطرت الطبقة الثرية أن تستورد الرقيق من الأمصار، لاستغلالهم في استثماراتهم. واستولى بني أمية على بعض مزارع الكوفة، وهجروا أهلها. وبقيت طبقة هنالك من الفقراء العرب ناقمين على الفئة الثرية، وكذلك أولئك الذين فتحوا البلدان، ولم تتح لهم الفرصة، كما أتيحت لغيرهم من بني أمية، للإقامة في الأمصار، والاستحواذ على ممتلكاتها.
كان هذا الواقع الطبقي الذي تشكل بفعل السياسة المنفلتة لعثمان، سببا في تشكل حالة من الرفض والتمرد، تمثلها الفئات المحرومة في المجتمع، وهم غالبا، أولئك الذين ضاقوا من الاحتكار الأموي في عهد عثمان، وتمردوا تلقائيا لما ثقل عليهم أمرهم، وكانوا هم القاعدة التي استجابت لفكرة التحدي والثورة على عثمان. تلك الحالة التي يصورها أبو ذر (رض) قائلا: عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف، لا يخرج إلى الناس شاهرا سيفه).
فهذا دليل على وجود، فئة مسحوقة، ومغلوب على أمرها، لا تسطيع الافصاح عن واقعها، مقموعة بعمال عثمان، وعناصر عشيرته ذات النفوذ الوسيع في كل الأصقاع.
الفئة الثانية:
فئة تحركت من الخلفية العشائرية، حيث ضاقت بالنهج العشائري في سياسة عثمان، وتعامله اللا متكافئ مع العشائر الأخرى. فهناك طائفة من المسلمين ثاروا على عثمان لما رأوه متحيزا إلى أقربائه بشكل يفسد عليه سياسته. والحس القبلي لما ينته يومها في نفوس الغالبية الساحقة ممن دخل في الإسلام، والجانب القبلي كما