فهي الفئة الحضارية الوحيدة التي تميزت منطلقاتها في الرفض، وهي الفئة المعارضة في زمن الخليفتين أيضا. وتتشكل من آل البيت (ع) بقيادة الإمام علي (ع) وقوم لهم سابقة في الإسلام وممن أخلص الصحبة. منطلقهم هو الاصلاح عبر تحقيق الإمامة! ويشهد التاريخ، بأنهم ظلوا مخلصين لهذا التوجه، ومات كثير منهم في هذا الخطر.
وكان عمار بن ياسر منذ البداية مع الإمام علي (ع)، ومن الذين رفضوا بيعة أبي بكر. واستمر رافضا بيعة عمر إلا قهرا. ورفض بيعة عثمان، وما زال ضده حتى قتل، واستمر كذلك حتى استشهد في (صفين)، حيث يقاتل في جيش الإمام علي (ع): (118) هؤلاء كانوا هم رواد الاصلاح في المجتمع الإسلامي.
فكانوا ينطلقون من هذه الخلفية. بيد أن ذلك لا يمنعهم من توظيف الحالة الاجتماعية في خط التحريض على الانقلاب.
وكان هؤلاء يتحركون على صعيدين، الأول: توفير عوامل الهدم من خلال زرع قناعات سلبية تجاه حكومة عثمان، الثاني: توفير عوامل البناء، من خلال الطرح الإيجابي وهو الدعوة إلى خط (آل البيت (ع)).
ذكر ابن أبي الحديد، أنه تكلم بنو هاشم وبنو أمية (أثناء مشاورات الستة بعد مقتل عمر) وقام عمار، فقال: أيها الناس، إن الله أكرمكم بنبيه وأعزكم بدينه، فإلى متى تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيكم! فقال رجال من بني مخزوم: لقد عدوت طورك يا ابن سمية، وما أنت وتأمير قريش لأنفسها). وذكر أن المقداد قال في نفس المقام: (تالله ما رأيت مثل ما أوتي إلى أهل هذا البيت بعد نبيهم، واعجبا لقريش! لقد تركت رجلا ما أقول ولا أعلم أن أحد أقضى بالعدل ولا أعلم ولا أتقى منه! أما والله لو أجد أعوانا! فقال عبد الرحمن: إتق الله يا مقداد، فإني خائف عليك الفتنة.